للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح: أن المتعة إنما حُرِّمت عام الفتح، لأنه قد ثبت في «صحيح مسلم» (١) أنهم استمتعوا عام الفتح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بإذنه، ولو كان التحريم زمن خيبر لزم النسخ مرتين، وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة، ولا يقع مثله فيها.

وأيضًا: فإن خيبر لم يكن فيها مسلمات، وإنما كن يهودياتٍ، وإباحةُ نساء أهل الكتاب لم تكن ثبتت بعدُ، إنما أُبِحن بعد ذلك في سورة المائدة بقوله: {الْحِسَابِ (٤) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥]، وهذا متصل بقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣]، وبقوله: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} [المائدة: ٣]، وهذا كان في آخر الأمر بعد حجة الوداع أو فيها، فلم تكن إباحة نساء أهل الكتاب ثابتةً زمن خيبر، ولا كان للمسلمين رغبة في الاستمتاع بنساء عدوِّهم قبل الفتح، وبعد الفتح استُرِقَّ من استرق منهن وصِرن إماءً للمسلمين.

فإن قيل: فما تصنعون بما ثبت في «الصحيحين» (٢) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية، وهذا صحيح صريح؟

قيل: هذا الحديث قد صحت روايته بلفظين هذا أحدهما. والثاني:


(١) (١٤٠٦/ ٢٠) من حديث سَبْرة بن مَعبد الجُهَني. ووقع في بعض طرق الحديث عند أحمد (١٥٣٣٨) وغيره أن ذلك كان عام حجة الوداع، وهو وهم من بعض الرواة كما نبَّه عليه المؤلف آنفًا. وانظر: حاشية محققي «المسند» طبعة الرسالة.
(٢) البخاري (٤٢١٦) ومسلم (١٤٠٧).