للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيطهِّره منها بما يوفِّقه له من التوبة النصوح، والحسنات الماحية، والمصائب المكفِّرة، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. ويمسك عن الآخر موادَّ التطهير، فيلقاه يوم يلقاه بمادة خبيثة ومادة طيبة. وحكمته تعالى تأبى أن يجاوره أحد في داره بخبائثه (١)، فيدخله النار طُهرةً له وتصفيةً وسبكًا. فإذا خلصت سبيكة إيمانه من الخبث صلح حينئذ لجواره ومساكنة الطيِّبين من عباده. وإقامة هذا النوع من الناس في النار على حسب سرعة زوال تلك الخبائث منهم وبطئها، فأسرعُهم زوالًا وتطهُّرًا (٢) أسرعُهم خروجًا، وأبطؤهم أبطؤهم (٣)، جزاءً وفاقًا، وما ربك بظلام للعبيد.

ولما كان المشرك خبيث العنصر خبيث الذات لم تطهِّر النار خبثه، بل لو خرج منها عاد (٤) خبيثًا كما كان، كالكلب إذا دخل (٥) البحر ثم خرج منه، فلذلك حرَّم الله عليه (٦) الجنة. ولما كان المؤمن الطيِّب المطيَّب مبرَّأً من الخبائث كانت النار حرامًا عليه، إذ ليس فيه ما يقتضي تطهيره بها. فسبحان من بهرت حكمته العقول والألباب، وشهدت فِطَرُ عباده وعقولهم بأنه أحكم الحاكمين وربُّ العالمين (٧).


(١) ك، ق: «بخباثته»، تصحيف.
(٢) ما عدا ص، ج: «تطهيرًا».
(٣) بعده في هامش ن زيادة: «خروجًا».
(٤) مب: «لعاد»، وكذا غيَّره بعضهم في ص.
(٥) ص: «أُدخِل».
(٦) مب، ن: «على المشرك»، وأشير إلى هذه النسخة في حاشية ص، ع.
(٧) بعده في هامش ن: «لا إله إلا هو».