للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقتله، فقيل لعروة: ما ترى في دمك؟ قال: كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إليَّ، فليس فيَّ إلا ما في الشهداء الذين قُتلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يرتحل عنكم فادفنوني معهم، فدفنوه معهم، فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: «إن مَثَله في قومه كمَثَلِ صاحب يس في قومه» (١).

ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهرًا، ثم إنهم ائتمروا بينهم ورأوا أنه لا طاقة لهم بحربِ مَن حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا، وأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا كما أرسلوا عروة، فكلَّموا عبدَ ياليلَ بن عمرو بن عمير ــ وكان سِنَّ عروة بن مسعود ــ وعرضوا عليه ذلك، فأبى أن يفعل وخشي أن يُصنع به إذا رجع (٢) كما صنع بعروة، فقال: لستُ فاعلًا حتى ترسلوا معي رجالًا، فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف وثلاثةً من بني مالك (٣) فيكونون ستةً، فبعثوا معه الحكمَ بنَ عمرِو بن وهبٍ وشرحبيلَ بن غيلان، ومن بني مالك: عثمانَ بن أبي العاص وأوسَ بن عوفٍ ونمير (٤) بن خرشة، فخرج بهم فلما دَنَوا من المدينة ونزلوا قناةَ (٥)


(١) ذكره أيضًا عروة وموسى بن عقبة والواقدي في مغازيهم بنحوه .. وله شواهد مرسلة تعضده، منها: مرسل مِقسم مولى ابن عباس عند عبد الرزاق في «تفسيره» (٢/ ١٣٩)، ومرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عند ابن أبي شيبة (٣٨٠٥٥)، ومرسل قتادة بإسناد صحيح عند ابن أبي شيبة (٢٨١٧٧) أيضًا، ومرسل عبد الملك بن عمير عند ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١٠/ ٣١٩١).
(٢) «إذا رجع» ساقط من المطبوع.
(٣) الأحلاف وبنو مالك هما بطنا ثقيفٍ.
(٤) في الأصول: «بهز»، تصحيف.
(٥) هو الوادي الذي يمرُّ بين المدينة وأُحُد. انظر: «معجم المعالم في السيرة» (ص ٢٥٨) و «معجم معالم حجاز» (ص ١٤٠٣).