للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألْفَوا بها المغيرة بن شعبة، فاشتد ليبشِّر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بقدومهم عليه، فلقيه أبو بكر فقال له: أقسمتُ عليك لا تسبقني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أكونَ أنا أحدِّثه، ففعل فدخل أبو بكر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بقدومهم عليه، ثم خرج المغيرة على (١) أصحابه فروَّح الظهرَ معهم وعلَّمهم كيف يُحيُّون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب عليهم قبةً في ناحية مسجده كما يزعمون.

وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى اكتتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتبه، وكانوا لا يأكلون طعامًا يأتيهم من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يأكلَ منه خالد حتى أسلموا.

وقد كان فيما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدع لهم الطاغية وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم، فما برحوا يسألونه سنةً سنةً ويأبى عليهم حتى سألوه شهرًا واحدًا بعد قدومهم، فأبى عليهم أن يدعها شيئًا مسمًّى، وإنما يريدون بذلك ــ فيما يُظهرون ــ أن يَسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريِّهم، ويكرهون أن يروِّعُوا قومهم بهدمها حتى يَدخلهم الإسلام، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها (٢).

وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة، وأن لا يكسروا


(١) س، المطبوع: «إلى»، وهو كذلك في مصدري النقل.
(٢) وفي مغازي عروة وموسى بن عقبة ــ كما في «الدلائل» (٥/ ٣٠٣) ــ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل جماعة من الصحابة وأمَّر عليهم خالد بن الوليد، وفيهم المغيرة بن شعبة.