للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوثانهم بأيديهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه، وأما الصلاة فلا خير في دين لا صلاة فيه» (١).

فلما أسلموا وكتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا أمَّر عليهم عثمان بن أبي العاص، وكان مِن أحدثهم سِنًّا، وذلك أنه كان مِن أحرصهم على التفقُّه في الإسلام وتعلُّم القرآن (٢).

فلما فرغوا من أمرهم وتوجهوا إلى بلادهم راجعين بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة في هدم الطاغية، فخرجا مع القوم حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة بن شعبة أن يقدم أبا سفيان، فأبى ذلك أبو سفيان عليه وقال: ادخل أنت على قومك، وأقام أبو سفيان بماله


(١) يشهد له حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنزلهم المسجد ليكون أرقَّ لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يُحشروا ولا يُعشروا ولا يُجَبُّوا ولا يُستعمل عليهم غيرهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكم أن لا تُحشروا ولا تُعشروا ولا يُستَعمل عليكم غيركم، ولا خير في دينٍ لا ركوع فيه». أخرجه أحمد (١٧٩١٣) وأبو داود (٣٠٢٦) وغيرهما بإسناد جيّد. والشاهد فيه قولهم: «لا يُجَبُّوا» أي: أن لا يركعوا، يقال: جَبَّى فلان تجبيةً، إذا انحنى قائمًا ووضع يديه على ركبتيه، وهو كناية عن أنهم لا يريدون أن يُصلُّوا. وأما قولهم: «لا يُحشروا ولا يُعشروا» فمعناه: لا يُندبوا إلى الجهاد ولا تؤخذ منهم الصدقة، كما جاء مصرَّحًا في حديث جابر عند أبي داود وغيره ــ وسيأتي (ص ٧١٥) ــ، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا».
(٢) يدل عليه ما جاء في رواية أحمد للحديث السابق: «وقال عثمان بن أبي العاص: يا رسول الله، علِّمني القرآن واجعلني إمام قومي». وأخرج مسلم (٤٦٨/ ١٨٦) من حديثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «أُمَّ قومَك، فمن أمَّ قومًا فليخفِّف فإن فيهم الكبيرَ ... » الحديث.