للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم جلس في صحن المسجد، فقدَّموا عُطارد بن حاجب فتكلَّم وخطب، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابت بن قيس بن شمَّاسٍ فأجابهم وأنزل الله عز وجل فيهم {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: ٤ - ٥]، فردَّ عليهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الأسرى والسبي (١)،

فقام الزبرقان شاعرُ بني تميم فأنشد مفاخرًا:

نحن الكرام فلا حيٌّ يعادلنا ... منا الملوك وفينا تُنصَب البِيَعُ

وكم قَسَرْنا من الأحياء كلِّهِمُ ... عند النِّهاب وفضلُ العز يُتَّبَعُ

ونحن يُطعِمُ عند القحط مُطعمنا ... مِن الشِّواء إذا لم يُؤنَس القَزَعُ (٢)

بما ترى الناسَ تأتينا سُراتُهم ... من كل أرض هُوِيًّا ثم نَصطَنِعُ (٣)

فننحر الكُومَ عُبْطًا في أَرُومتنا ... للنازلين إذا ما أُنزِلوا شبعوا (٤)


(١) خبر السرية إلى هنا ذكره ابن سيد الناس في «عيون الأثر» (٢/ ٢٠٣) ــ وهو مصدر المؤلف ــ نقلًا عن «طبقات ابن سعد» (٢/ ١٤٧)، وهو عند الواقدي بأطول منه (٣/ ٩٧٤ - ٩٨٠). وما سيأتي من الأبيات نقلها ابن سيد الناس عن مغازي ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥٦٣) ــ، وهي عند الواقدي بشيء من الاختلاف .. وقال ابن هشام: وأكثر أهل العلم بالشعر يُنكرها للزِّبرِقان.
(٢) القَزَع: قِطَع من السحاب المتفرِّق.
(٣) السُّراة: جمع الساري، وهم الذين يسرون بالليل. هُوِيًّا: سراعًا.
(٤) الكُوم: جمع الكوماء، وهي الناقة العظيمة السنام. العُبْط: جمع العبيطة، وهي التي نُحرت سمينة فتيّة من غير علةٍ بها مِن داء أو كسر، يقال: (اعتبط البعيرَ) نحره بلا علة، و (مات فلان عَبطةً) أي: شابًّا صحيحًا. والأَرُومة: الأصل، أي: أن هذا الكرم متأصِّل فينا.