للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا ترانا إلى حيٍّ نفاخرهم ... إلا استقادوا فكانوا الرأسَ يُقتَطَعُ

فمن يفاخرنا في ذاك نَعرفه ... فيرجع القومُ والأخبار تُتَّبَعُ (١)

إنَّا أبينا ولن يأبى لنا أحدٌ ... إنا كذلك عند الفخر نَرتفِعُ

فقام شاعر الإسلام حسان بن ثابت فأجابه على البديهة:

إن الذوائب من فِهرٍ وإخوتهم ... قد بينوا سنةً للناس تُتَّبَعُ

يرضى بهم كلُّ مَن كانت سريرتُه ... تقوى الإله وكلَّ الخير يصطنِعُ

قوم إذا حاربوا ضَرُّوا عدوَّهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا

سجية تلك منهم غيرُ محدَثَةٍ ... إن الخلائق فاعلم شرُّها البِدَعُ

إن كان في الناس سباقون بعدَهمُ ... فكلُّ سبق لأدنى سبقِهم تَبَعُ

لا يَرقعُ الناس ما أَوْهت أكفُّهُمُ ... عند الدفاع ولا يُوهُون ما رَقَعوا

إن سابقوا النَّاس يومًا فاز سبقُهُمُ ... أو وازنوا أهلَ مجدٍ بالندى مَتَعُوا (٢)

أعِفَّةٌ ذُكِرت في الوحي عفَّتُهمْ ... لا يطمعون ولا يُرْديهم الطمعُ (٣)

لا يبخلون على جارٍ بفضلهمُ ... ولا يَمَسُّهُمُ من مطمَعٍ طَبَعُ

إذا نَصَبْنا لحي لم ندِبَّ لهمْ ... كما يدِبُّ إلى الوحشية الذَّرَعُ (٤)


(١) ن، هامش ز، المطبوع: «تُستَمَع»، وكذا في مصدرَي النقل.
(٢) النَّدى: الجود والسخاء والخير. مَتَعُوا: أي ارتفعوا عليهم ارتفاعًا بيِّنًا، يقال: مَتَع النهارُ مُتُوعًا إذا ارتفع حتى بلغ غاية ارتفاعه قبل أن يزول.
(٣) لا يطمعون: كذا في الأصول، والذي في المصادر: «لا يطبَعُون» أي: لا يتدنسون، يقال: طَبِع الرجلُ يطبَع طَبَعًا فهو طَبِعٌ، إذا دنِسَ وصار دنيءَ الخُلُق لئيمَه. وسيأتي ذكر «الطَبَع» في البيت الآتي أيضًا.
(٤) إذا نصبنا: أي العداوة. والذَّرَع: ولد البقرة الوحشية، ويجمع على الذِّرعان.