للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَسْمُو إذا الحرب نالتْنا مخالبُها ... إذا الزَّعانِفُ مِن أظفارها خشعوا (١)

لا يفخرون إذا نالوا عدوَّهم ... وإن أصيبوا فلا خُورٌ ولا هُلُعُ (٢)

كأنهم في الوَغَى والموتُ مكتنِفٌ ... أُسْدٌ بحَلْيةَ في أرساغها فَدَعُ (٣)

خذ منهمُ ما أتوا عفوًا إذا غضبوا ... ولا يكن همُّك الأمرَ الذي مَنَعوا

فإن في حربهم ــ فاترك عداوتهم ــ ... شرًّا يُخاض عليه السُّمُّ والسَّلَعُ (٤)

أكرِمْ بقومٍ رسولُ الله شيعتهمْ ... إذا تفاوتت الأهواء والشِّيَعُ

أهدى لهم مدحتي قلبٌ يُؤازره ... فيما أحبَّ لسانٌ حائِك صَنَعُ (٥)

فإنهم أفضل الأحياء كُلِّهِمُ ... إن جدَّ بالناس جِدُّ القولِ أو شَمَعوا (٦)

فلما فرغ حسان قال الأقرع بن حابس: إن هذا الرجل لمُؤَتًّى له (٧)؛ لَخطيبُه أخطبُ من خطيبنا، ولشاعرُه أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من


(١) الزعانف: رُذال الناس وخِساسهم.
(٢) خُوْرٌ: الضعفاء، كأنه جمع خائر أو خوَّار على غير القياس. والهُلُع: جمع الهلوع وهو الذي يفزع ويجزع من الشر.
(٣) مكتنِف: كذا في الأصول، والذي في المصادر: «مُكْتنِع» أي حاضر وقريب. وحَلْيَةُ: مأسدة ــ وهي الأرض الكثيرة الأُسُودِ ــ باليمن. والفَدَع: الاعوجاج والميل في الأرساغ من اليد والقدم خِلقة، يقال: رجل أفدع إذا مشى على ظهر قدمه لاعوجاج فيه، والأسد أفدعُ خِلقةً ويظهر ذلك إذا مشى لاسيما في يديه.
(٤) السَّلَع: نبت مُرٌّ.
(٥) صَنَعُ: أي يُحسن صناعة الشعر ويجيدها، يقال: رجلٌ صَنَع، إذا كان حاذقًا فيما يصنعه.
(٦) شَمَعُوا: إذا لم يجِدُّوا فلعِبوا أو مزحوا أو ضحكوا، يقال: شَمَع فلان يشمَع شَمْعًا وشُمُوعًا.
(٧) أي: موفَّق، يقال: تأتَّى له الأمرُ، إذا تهيَّأ له وتسهَّلت طريقه.