للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زالوا فما زال أنكاس ولا كُشُفٌ ... عِندَ اللقاء ولا مِيلٌ معازِيلُ (١)

يمشون مشيَ الجِمال الزُّهْرِ يَعصِمهمْ ... ضَرْبٌ إذا عرَّد السُّودُ التنابيلُ (٢)

شُمُّ العرانين أبطالٌ لَبوسُهُمُ ... مِن نسج داود في الهَيجا سرابيلُ

بِيضٌ سوابغُ قد شُكَّت لها حَلَقٌ ... كأنها حَلَق القفعاء مجدولُ (٣)

ليسوا مفاريحَ إن نالت رماحُهُمُ ... قومًا وليسوا مجازيعًا إذا نِيلوا

لا يقع الطعنُ إلا في نحورهمُ ... وما لهم عن حِياض الموت تَهلِيلُ (٤)

قال ابن إسحاق (٥): قال عاصم بن عمر بن قتادة: فلما قال كعب: «إذا عرَّد السُّود التنابيل» وإنما عنى معشر الأنصار لِما كان صاحبنا صنع به، وخص المهاجرين بمدحته= غضب عليه الأنصار، فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار قصيدتَه التي يقول فيها:


(١) هذا البيت من س، هامش ز، ومصدر المؤلف، وقد أخلَّت به سائر الأصول.
والأنكاس: جمع نِكْس وهو الرجل الضعيف المهين. والكشف: جمع أكشف وهو الذي لا ترس معه في الحرب. والمِيل: جمع أمْيَل وهو الذي لا سيف معه أو الذي لا يُحسن الركوب. والمعازيل: جمع مِعْزَل وهو الذي لا سلاح معه. والمراد: أنهم انتقلوا من مكة وليس فيهم مَن هذه صفته، بل هم أقوياء ذوو سلاح فرسان عند اللقاء.
(٢) الزُّهر: البِيض. وعَرَّد: فرَّ وهرب. التنابيل: جمع تِنْبال وهو القصير. والمراد مدح الصحابة بالوقار والسؤدد والشجاعة عند اللقاء.
(٣) القفعاء: بقلة تنبسط على وجه الأرض، يُشبَّه بورقها حَلَقُ الدُّرُوع. والمجدول: المحكم الصنعة.
(٤) التهليل: التأخير. والمراد وصفهم بالإقدام في الحرب وعدم الفرار.
(٥) كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥١٤) وعنه في «عيون الأثر» (٢/ ٢١٢).