للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخرص بنفسه كما خرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديقة المرأة.

ومنها: أن الماء الذي بآبار ثمود لا يجوز شُربه، ولا الطبخ به والعجين به (١)، ولا الطهارة به، ويجوز أن يُسقى البهائمَ؛ إلا ما كان من بئر الناقة، وكانت معلومةً باقيةً إلى زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استمر علم الناس بها قرنًا بعد قرنٍ إلى وقتنا هذا فلا يَرِد الركوب بئرًا غيرها، وهي مطوية محكمة البناء واسعة الأرجاء، آثار العتق عليها بادية، لا تشتبه بغيرها.

ومنها: أن مَن مرَّ بديار المغضوب عليهم والمُعذَّبين لم ينبغِ له أن يدخلها ولا يقيمَ بها، بل يُسرع السيرَ ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها، ولا يدخل عليهم إلا باكيًا معتبرًا. ومن هذا إسراع النبي - صلى الله عليه وسلم - السير في وادي مُحسِّر بين منًى ومزدلفة (٢)، فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه.

ومنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الصلاتين في السفر، وقد جاء جمع التقديم في هذه القصة في حديث معاذ كما تقدَّم، وذكرنا علَّةَ الحديث ومن أنكره، ولم يجئ جمعُ التقديم عنه في سفر إلا هذا. وصحَّ عنه جمع التقديم بعُرَنة (٣) قبل دخوله إلى عرفة، فإنه جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر؛


(١) ص، د، ز، ن: «ولا العجين به».
(٢) في الأصول والمطبوعات: «منى وعرفة»، ولعله سبق قلم من المؤلف، فإن محسِّرًا بين منًى ومزدلفةَ، وقد سبق في الحج (٢/ ٣١١) قول المؤلف: إنه «برزخ بين منى وبين مزدلفة». وإسراع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه روي من غير وجه، منها حديث جابر عند أحمد (١٤٢١٨) وأبي داود (١٩٤٤) والترمذي (٨٨٦) والنسائي (٣٠٢١) وابن خزيمة (٢٨٦٢)؛ وقال الترمذي: حديث جابر حديث حسن صحيح.
(٣) رسمه في د، س، ث يشبه «عرفة»، وإليه تحرّف في المطبوع.