للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن العاجز بماله لا يُعذَر حتى يبذل جُهدَه ويتحقَّق عجزُه، فإن الله سبحانه إنما نفى الحرج عن هؤلاء العاجزين بعد أن أتوا رسولَه ليحملهم فقال: «لا أجد ما أحملكم عليه»، فرجعوا يبكون لما فاتهم من الجهاد؛ فهذا العاجز الذي لا حرج عليه.

ومنها: استخلاف الإمام إذا سافر رجلًا من الرعية على الضعفاء والمعذورين والنساء والذرية، ويكون نائبُه من المجاهدين لأنه من أكبر العون لهم. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستخلف ابنَ أمِّ مكتوم فاستخلفه بضع عشرة مرةً، وأما في غزوة تبوك فالمعروف عند أهل الأثر أنه استخلف عليَّ بن أبي طالب، كما في «الصحيحين» (١) عن سعد بن أبي وقاص قال: خلَّف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًّا في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصِّبيان؟ فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غيرَ أنه لا نبي بعدي».

ولكن هذه كانت خلافةً خاصةً على أهله - صلى الله عليه وسلم -، وأما الاستخلاف العام فكان لمحمد بن مسلمة الأنصاري، ويدل على هذا أن المنافقين لما أرجفوا به وقالوا: خلَّفه استثقالًا أخذ سلاحه ثم لحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: «كذبوا ولكن خلَّفتُك لما تركت ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك» (٢).

ومنها: جواز الخرص للرُّطَب على رؤوس النخل، وأنه من الشرع، والعملُ بقول الخارص، وقد تقدم في غزاة خيبر، وأن الإمام يجوز أن


(١) البخاري (٤٤١٦) ومسلم (٢٤٠٤).
(٢) ذكره ابن إسحاق، وقد سبق.