للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يُخمِّس ما معه (١)،

وأنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد ثقيفٍ في المسجد وبنى لهم خيامًا لكي يسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلَّوا.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب لا يذكر نفسه فلما سمعه وفدُ ثقيفٍ قالوا: يأمرنا أن نشهد أنه رسول الله ولا يشهد به في خطبته، فلما بلغه قولُهم قال: «فإني أول من شهد أني رسول الله».

وكانوا يغدون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّ يوم، ويخلِّفُون عثمان بن أبي العاص على رحالهم لأنه أصغرهم، فكان عثمان كلما رجع الوفد إليه وقالوا بالهاجرة عمد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الدين واستقرأه القرآن، فاختلف إليه عثمان مرارًا حتى فقه في الدين وعلم، وكان إذا وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائمًا عمد لأبي بكر، وكان يكتم ذلك من أصحابه فأعجب ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأحبَّه.

فمكث الوفد يختلفون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعوهم إلى الإسلام فأسلموا، فقال كنانة بن عبد ياليل: هل أنت مُقاضينا حتى نرجع إلى قومنا؟ قال: «نعم، إن أنتم أقررتم بالإسلام أقاضيكم، وإلا فلا قضية ولا صلح بيني وبينكم»، قالوا: أفرأيت الزنا، فإنا قوم نغترب، لا بد لنا منه؟ قال: «هو عليكم حرام، فإن الله عز وجل يقول: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً (٢) وَسَاءَ


(١) له شاهد من حديث المسور ومروان عند البخاري (٢٧٣١) في قصة الحديبية، وفيه أن عروة بن مسعود للمغيرة: «أي غُدَر، ألستُ أسعى في غدرَتك؟ وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء» .. وقد سبق (ص ٣٤٦ - ٣٤٧).
(٢) في د، ث، ب زيادة: «ومقتًا»، خطأ، وهي مضروب عليها في ف.