للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَبِيلًا} [الإسراء: ٣٢]»، قالوا: أفرأيت الربا فإنه أموالنا كلها؟ قال: «لكم رؤوس أموالكم؛ إن الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨]»، قالوا: أفرأيت الخمر، فإنها عصير أرضنا لا بد لنا منها؟ قال: «إن الله قد حرمها»، وقرأ: {(٨٩) الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠].

فارتفع القوم فخلا بعضهم ببعض فقالوا: ويحكم! إنا نخاف إن خالفناه يومًا كيوم مكة، انطلقوا نكاتِبْه على ما سألنَا، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: نعم لك ما سألت، أرأيت الربَّة ماذا نصنع فيها؟ قال: «اهدِموها»، قالوا: هيهات، لو تعلم الربة أنك تريد هدمها قتلَتْ أهلَها، فقال عمر بن الخطاب: ويحك يا ابنَ عبد يالِيل! ما أجهلَك، إنما الربة حجر! فقال: إنا لم نأتك يا ابن الخطاب، وقالوا: يا رسول الله، تولَّ أنت هدمها، فأما نحن فإنا لن نهدمها أبدًا، قال: «فسأبعث إليكم من يكفيكم هدمها»، فكاتَبوه فقال كنانة بن عبد ياليل: ائذن لنا قبلَ رسولك، ثم ابعث في آثارنا، فإنا أعلم بقومنا، فأذن لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكرمهم وحباهم.

وقالوا: يا رسول الله! أَمِّرْ علينا رجلًا يؤمُّنا (١)، فأمَّر عليهم عثمان بن أبي العاص لِما رأى من حرصه على الإسلام، وكان قد تعلم سورًا من القرآن قبل أن يخرج.

فقال كنانة بن عبد ياليل: أنا أعلم الناس بثقيف، فاكتموهم القضيةَ وخوِّفوهم بالحرب والقتال، وأخبِروهم أن محمدًا سألَنا أمورًا أبيناها عليه،


(١) زِيد في النسخ المطبوعة بعده: «مِن قومنا»، وليس في شيء من الأصول.