للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

وفيها: وجوب أداء الخمس من الغنيمة، وأنه من الإيمان.

وفيها: النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية. وهل تحريمه باقٍ أو منسوخ؟ على قولين، وهما روايتان عن أحمد (١). والأكثرون على نسخه بحديث بريدة الذي رواه مسلم (٢) وقال فيه: «وكنت نهيتكم عن الأوعية، فانتبذوا فيما بدا لكم ولا تشربوا مُسكرًا». ومن قال بإحكام أحاديث النهي وأنها غير منسوخة قال: هي أحاديث تكاد تبلغ التواتر في تعدُّدها وكثرة طرقها (٣)، وحديث الإباحة فرد فلا يبلغ مقاومتها.

وسرُّ المسألة أن النهي عن الأوعية المذكورة من باب سدِّ الذرائع، إذ الشرابُ يسرع إليه الإسكارُ فيها. وقيل: بل النهي عنها لصَلابتها وأن الشراب يُسكر فيها ولا يُعلم به، بخلاف الظروف غير المزفَّتة، فإن الشراب متى غلا فيها وأسكر انشقت فيُعلم بأنه مسكر. فعلى هذه العلة يكون الانتباذ في الحجارة والصُّفر أولى بالتحريم، وعلى الأولى لا يَحرُم إذ لا يسرع الإسكار إليه فيها كإسراعه في الأربعة المذكورة.

وعلى كلا العلتين فهو من باب سد الذريعة، كالنهي أولًا عن زيارة القبور سدًّا لذريعة الشرك، فلما استقرَّ التوحيد في نفوسهم وقوي عندهم أذن


(١) انظر: «المسائل» رواية الكوسج (٢/ ٣٨١) و «الإنصاف» (٢٦/ ٤٣٨ - ٤٤٠).
(٢) برقم (٩٧٧، ١٩٧٧) بنحوه. واللفظ أشبه بلفظ النسائي (٥٦٥٤).
(٣) فقد صحَّ من حديث علي، وعائشة، وابن عمر، أنس، وأبي سعيد، وابن أبي أوفي، وابن عبَّاس، وأبي هريرة، وزينب بنت أبي سلمة، وجابر. انظر: «صحيح البخاري» (٣٤٩٢، ٥٥٨٧، ٥٥٩٤ - ٥٥٩٦) و «صحيح مسلم» (١٩٩٢ - ١٩٩٨).