للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه: جواز التقاط الغنم، وأن الشاة إذا لم يأت صاحبها فهي ملك الملتقط. واستدل بهذا بعض أصحابنا على أن الشاة ونحوها مما يجوز التقاطُه يُخيَّر الملتقط بين أكله في الحال وعليه قيمته، وبين بيعه وحفظ ثمنه، وبين تركه والإنفاق عليه من ماله، وهل يرجع به؟ على وجهين؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعلها له إلا أن يظهر صاحبُها، وإذا كانت له خُيِّر بين هذه الثلاثة، فإذا ظهر صاحبها دفعها إليه أو قيمتها.

وأما متقدِّمو أصحاب أحمدَ فعلى خلاف هذا؛ قال أبو الحسين (١): لا يتصرف فيها قبل الحول روايةً واحدةً، وقال [ابن بَكْروس] (٢): إن قلنا: يأخذ ما لا يستقلُّ بنفسه كالغنم فإنه لا يتصرف فيها بأكل ولا غيره روايةً واحدةً، وكذلك قال ابن عقيل. ونص أحمد في رواية أبي طالب (٣) في الشاة: يعرفها سنةً، فإن جاء صاحبها ردَّها إليه. وكذلك قال الشريفان (٤): لا يملك الشاةَ قبل الحول روايةً واحدةً. وقال أبو بكر (٥): وضالة الغنم إذا أخذها يُعرِّفها سنةً، وهو الواجب، فإذا مضت السنة ولم يعرف صاحبَها كانت له.


(١) ابن أبي يعلى. انظر: «الإنصاف» للمرداوي (١٦/ ٢١٩ - ٢٢٠).
(٢) بياض قدر كلمتين أو ثلاث بعد «قال» في ف، د، ز، ث. والظاهر أن المؤلف ترك البياض ليكتب فيه بعد ذلك اسم القائل. والمثبت بين الحاصرتين مستفاد من «الإنصاف». وابن بكروس هو: علي بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس، أبو الحسن البغدادي الفقيه الحنبلي، صنّف في المذهب كتاب «رؤوس المسائل» وغيره. توفي سنة ٥٧٦.
(٣) نقلها غلام الخلَّال في «زاد المُسافِر» (٣/ ٣٩٣)
(٤) أبو جعفر العباسي (ت ٤٧٠) وأبو القاسم الزيدي (ت ٤٣٣)، كما في «الإنصاف».
(٥) غلام الخلَّال في «زاد المُسافِر» (٣/ ٣٩٣).