للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه أن حكم الشيء حكم نظيره، وأنه سبحانه إذا كان قادرًا على شيء فكيف تعجِز قدرتُه عن نظيره ومثله؟! فقد قرر الله سبحانه أدلة المعاد في كتابه أحسن تقرير وأبينه وأبلغه وأوصله إلى العقول والفِطَر، فأبى أعداؤه الجاحدون إلا تكذيبًا له وتعجيزًا وطعنًا في حكمته، تعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا.

وقوله في الأرض: «أشرفتَ عليها وهي مَدَرة بالية» هو كقوله تعالى: {يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم: ١٩]، وقولِه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (١) [فصلت: ٣٩]، ونظائرُه في القرآن كثيرة.

وقوله: «فتنظرون إليه وينظر إليكم» فيه إثبات صفة النظر لله عز وجل وإثباتُ رؤيته في الآخرة.

وقوله: «كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد»، قد جاء هذا في هذا الحديث وفي قولِه في حديثٍ آخر: «لا شخص أَغْيَرُ من الله» (٢)، والمخاطبون بهذا قوم عرب يعلمون المراد منه، ولا يقع في قلوبهم تشبيهُه سبحانه بالأشخاص، بل هم أشرف عقولًا وأصحُّ أذهانًا وأسلم قلوبًا من ذلك.


(١) بعده في الأصول: «وأنبتت من كل زوج بهيج»، وهو سهو من المؤلف، لأنه تتمة آية الحج: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ... } [٥].
(٢) أخرجه أحمد (١٨١٦٨) ومسلم (١٤٩٩) من حديث المغيرة بن شعبة، وعلّقه البخاري بصيغة الجزم مترجمًا به في كتاب التوحيد.