للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنزل له شفاءً. علِمَه مَن علِمَه، وجَهِله مَن جَهِله».

وفي «المسند» و «السُّنن» (١) عن أبي خِزامة (٢) قال: قلت: يا رسول الله أرأيتَ رقًى نسترقيها، ودواءً نتداوى به، وتُقاةً نتَّقيها= هل تردُّ من قدر الله شيئًا؟ فقال: «هي من قدر اللَّه».

فقد تضمَّنت هذه الأحاديث إثباتَ الأسباب والمسبَّبات، وإبطال قول من أنكرها. ويجوز أن يكون قوله: «لكلِّ داءٍ دواءٌ» على عمومه حتَّى يتناول الأدواءَ القاتلة، والأدواءَ الَّتي لا يمكن طبيبًا (٣) أن يُبرئها، ويكون الله عزَّ وجلَّ قد جعل لها أدويةً تُبرئها، ولكن طوى علمَها عن البشر، ولم يجعل لهم إليه (٤) سبيلًا؛ لأنَّه لا علم للخلق إلا ما علَّمهم اللَّه. ولهذا علَّق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الشِّفاء على مصادفة الدَّواء للدَّاء (٥) فإنَّه لا شيء من المخلوقات إلا له ضدٌّ، فكلُّ داءٍ له ضدٌّ من الدَّواء يعالَج بضدِّه؛ فعلَّق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - البرءَ بموافقة الدَّاء


(١) «مسند أحمد» (١٥٤٧٢)، «سنن التِّرمذي» (٢١٤٨)، «سنن ابن ماجه» (٣٤٣٧)، من طريق الزُّهري عن ابن أبي خزامة عن أبيه به، وهذا الإسنادُ خطأ، صوابه: الزُّهري عن أبي خزامة عن أبيه، كما نبَّه على ذلك الإمام أحمد (١٥٤٧٥)، وأبو زرعة وأبو حاتم كما في «العلل» لابنه (٦/ ٢٩٣ - ٢٩٤)، والتِّرمذي، والدَّارقطني في «العلل» (٢/ ٢٥١). وقد أخرجه على الوجه الصَّواب أحمد (١٥٤٧٣، ١٥٤٧٤)، والتِّرمذيُّ (٢٠٦٥)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح»، وصحَّحه عبد الحقِّ في «الأحكام الصُّغرى» (٢/ ٨٤١).
(٢) في جميع النسخ: «ابن خزامة» إلا ز التي تحتمل ما أثبت.
(٣) ل، س: «طبيب» وكذا في طبعتي الفقي والرسالة، وهو خطأ.
(٤) يعني: إلى علمها. وفي س، ث، ل، ن: «إليها».
(٥) ز: «الداء للدواء». ن: «الداءِ الدواءَ».