للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكثر النحاة لا يعلِّلون هذا، والذي يقال في علته ــ والله أعلم ــ: أنَّ اللام تكون للفاعل في المعنى، نحو قولك: لمن هذا؟ فيقال: لزيد، فيأتي (١) باللام. وأما «إلى» فتكون للمفعول في المعنى، تقول: إلى من يصل هذا الكتاب؟ فيقول: إلى عبد الله. وسرُّ ذلك أن اللام في الأصل للملك أو الاختصاص والاستحقاق، والملكُ والاستحقاقُ (٢) إنما يكون للفاعل الذي يملك ويستحقُّ؛ و «إلى» لانتهاء الغاية، والغاية منتهى ما يقتضيه الفعل، فهي (٣) بالمفعول أليق، لأنها تمام مقتضى الفعل.

ومن التعجب من فعل المفعول: قول كعب بن زهير في النبي - صلى الله عليه وسلم -:

فلَهْوَ أخوَفُ عندي إذ أكلِّمه ... وقيل إنك محبوسٌ ومقتولُ

من ضيغَمٍ بثَراءِ الأرضِ مُخْدَرُه ... ببطنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَه غِيلُ (٤)


(١) ن: «فتأتي». ولم ينقط حرف المضارع في ك، ع هنا وفي «فيقول» فيما يأتي.
(٢) «والملك والاستحقاق» ساقط من طبعات الكتاب عدا الطبعة الهندية.
(٣) مب: «فهو». وفي ج: «بالفعل فهو»، ولعله خطأ.
(٤) بهذا اللفظ ورد البيتان في الأصول، وكذا أنشدهما ابن عصفور في «المقرب» (١/ ٧١ - ٧٢) و «شرحه لجمل الزجاجي» (١/ ٥٧٧)، ولم أجد رواية «بثراء الأرض» في موضع آخر. وأقرب رواية منها: «بضَراء الأرض» كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥١١ - ٥١٢)، والضَّرَاء: الشجر الملتفّ في الوادي. أما «ثراء الأرض» كما جاء هنا فلعله من مدِّ المقصور، وقد أجازه الكوفيون وبعض البصريين. انظر: «ضرائر الشعر» لابن عصفور (ص ٣٨). وصدر البيت الثاني في النسخ المطبوعة غير الطبعة الهندية:
من خادرٍ من لُيوثِ الأُسْدِ مسكنُه
وذلك تصرُّف من بعض الناشرين، وهذه الرواية في «شرح قصيدة كعب» لابن هشام (ص ٧٦ - ط الميمنية) و «اللسان» (خدر) وغيرهما. وانظر البيتين في «ديوانه بشرح السكري» (ص ٢١) برواية أخرى.