فـ «أخوف» هاهنا، من خِيفَ فهو مخوف، لا من خاف. وكذلك قولهم: ما أجَنَّ زيدًا، من جُنَّ فهو مجنون. هذا مذهب الكوفيين ومن وافقهم.
قال البصريون: كلُّ هذا شاذٌّ لا يعوَّل عليه، فلا تشوَّش به القواعد، ويجب الاقتصار منه على المسموع.
قال الكوفيون: كثرة هذا في كلامهم نظمًا ونثرًا يمنع حمله على الشذوذ، لأنَّ الشاذَّ ما خالف استعمالَهم ومطَّرِدَ كلامهم، وهذا غير مخالف لذلك.
قالوا: وأما تقديركم لزومَ الفعل ونقلَه إلى فَعُلَ، فتحكُّم لا دليل عليه. وما تمسَّكتم به من التعدية بالهمزة إلى آخره، فليس الأمر فيها كما ذهبتم إليه. والهمزة في هذا البناء ليست للتعدية، وإنما هي للدلالة على معنى التعجب والتفضيل فقط، كألف فاعل وميم مفعول وواوه، وتاء الافتعال والمطاوعة، ونحوها من الزوائد التي تلحق الفعل الثلاثي، لبيان ما لحقه من الزيادة على مجرَّده. وهذا هو السبب الجالب لهذه الهمزة، لا تعدية الفعل.
قالوا: والذي يدل على هذا أن الفعل الذي تعدَّى بالهمزة يجوز أن يعدَّى بحرف الجر والتضعيف، نحو: جلست به وأجلسته وقمت به وأقمته، ونظائره. وهنا لا يقوم مقامَ الهمزة غيرُها، فعُلِم أنها ليست للتعدية المجرَّدة. وأيضًا، فإنها تجامع باءَ التعدية نحو: أكرِمْ به وأحسِنْ به، ولا يُجمَع على الفعل بين مُعَدِّيين.
وأيضًا فإنهم يقولون: ما أعطاه للدراهم، وأكساه للثياب، وهذا من