«أعطى» و «كسا» المتعدِّي، ولا يصح تقدير نقله إلى عطُو: إذا تناوَلَ، ثم أدخلتَ عليه همزة التعدية، لفساد المعنى، فإن التعجب إنما وقع من إعطائه، لا من عَطْوِه وهو تناوله، والهمزة التي فيه همزة التعجب والتفضيل، وحذفت همزته التي في فعله، فلا يصح أن يقال: هي للتعدية.
قالوا: وأما قولكم: إنه عُدِّي باللام في نحو: ما أضربه لزيد، إلى آخره؛ فالإتيانُ باللام هاهنا ليس لما ذكرتم من لزوم الفعل، وإنما أُتي بها تقويةً له لما ضعف بمنعه من التصرف، وألزم طريقةً واحدةً خرج بها عن سَنَن الأفعال، فضعف عن اقتضائه وعمله، فقُوِّي باللام كما يقوَّى بها عند تقدُّم معموله عليه، وعند فرعيته.
وهذا المذهب هو الراجح كما تراه (١).
فلنرجع إلى المقصود، فنقول: تقدير «أحمد» على قول الأولين: أحمدُ النَّاس لربِّه، وعلى قول هؤلاء: أحقُّ الناس وأولاهم بأن يُحمَد، فيكون كـ «محمَّد» في المعنى، إلا أن الفرق بينهما أن محمَّدًا هو كثير الخصال التي يُحمَد عليها، و أحمد هو الذي يُحمَد أفضلَ ما يُحمَد غيرُه، فمحمَّد في الكثرة والكمية، وأحمد في الصفة والكيفية؛ فيستحِقُّ من الحمد أكثرَ ما يستحِقُّ غيرُه، وأفضلَ مما يستحِقُّ غيرُه، فيُحمَد أكثرَ حمدٍ وأفضلَ حمدٍ حُمِدَه البشرُ. فالاسمان واقعان على المفعول، وهذا أبلغ في مدحه وأكمل معنًى.
(١) وقد وقعت في المسألة مناظرة بين أبي جعفر النحاس وأبي العباس بن ولَّاد، نقلها السخاوي في «سفر السعادة» (٢/ ٥٦٦ - ٥٨٦).