للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو أريد معنى الفاعل لسُمِّي «الحمَّاد»، أي: كثير الحمد، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر الخلق حمدًا لربِّه. فلو كان اسمه «أحمد» باعتبار حمده لربِّه لكان الأولى به «الحمَّاد» كما سُمِّيت بذلك أمته.

وأيضًا: فإن هذين الاسمين إنما اشتُقَّا من أخلاقه وخصائله المحمودة التي لأجلها استحَقَّ أن يسمَّى «محمَّدًا» و «أحمد». فهو الذي يحمده أهلُ السماء وأهلُ الأرض وأهلُ الدنيا والآخرة، لكثرة خصائله المحمودة التي تفوت (١) عدَّ العادِّين وإحصاءَ المُحْصِين.

وقد أشبعنا هذا المعنى في كتاب الصلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وإنما ذكرنا هاهنا كلمات يسيرةً اقتضتها حالة المسافر، وتشتتُ قلبه، وتفرُّقُ همته. وبالله المستعان، وعليه التكلان.

وأما اسم المتوكل، ففي «صحيح البخاري» (٣) عن عبد الله بن عمرو قال: قرأت في التوراة صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -: «محمد رسول الله، عبدي ورسولي، سمَّيتُك «المتوكِّل»، ليس بفظٍّ ولا غليظٍ، ولا سخَّابٍ (٤) بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، بل يعفو ويصفح، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العَوجاءَ، بأن يقولوا: لا إله إلا الله». وهو - صلى الله عليه وسلم - أحقُّ الناس بهذا الاسم؛ لأنه توكَّلَ على الله في إقامة الدين توكُّلًا لم يشرَكْه فيه غيرُه.


(١) ك، ع: «تفوق»، وفي «جلاء الأفهام» (ص ٢١٣) ما أثبت من غيرهما.
(٢) يعني: «جلاء الأفهام» (١٨٣ - ٢١٣)، فهذا البحث كله منقول منه باختلاف يسير.
(٣) برقم (٢١٢٥، ٤٨٣٨)، والمؤلف ذكر صدر الحديث بالمعنى، ولعله صادر عن «دلائل النبوة» للبيهقي (١/ ٣٧٣، ٣٧٥ - ط. قلعجي).
(٤) ص، ج: «صخَّاب».