للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الماحي، والحاشر، والمقفي، والعاقب؛ فقد فُسِّرت في حديث جبير بن مطعم. فالماحي: الذي محا الله به الكفر. ولم يُمحَ الكفر بأحد من الخلق ما مُحِي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه بُعِث وأهلُ الأرض كلُّهم كفار إلا بقايا من أهل الأرض (١)، وهم ما بين عُبَّاد أوثان، ويهود مغضوب عليهم، ونصارى ضالين، وصابئة دهرية لا يعرفون ربًّا ولا معادًا، وبين عُبَّاد الكواكب، وعُبَّاد النار، وفلاسفة لا يعرفون شرائع الأنبياء، ولا يُقرُّون بها؛ فمحا الله سبحانه برسوله ذلك حتى ظهر دينُ الله على كلِّ دين، وبلغ دينُه ما بلغ الليل والنهار، وسارت دعوته مسيرَ الشمس في الأقطار.

وأما الحاشر، فالحشر هو الضَّمُّ والجمع، فهو الذي يُحشَر الناسُ على قدمه، فكأنه بُعِث ليحشُر الناس.

والعاقب: الذي جاء عقيب الأنبياء، فليس بعده نبي. فإن العاقب هو الآخر، فهو بمنزلة الخاتم، ولهذا سُمِّي «العاقب» على الإطلاق، أي عقَب الأنبياءَ: جاء بعقبهم.

وأما المقفِّي فكذلك، وهو الذي قفَّى على آثار من تقدَّمه من الرسل (٢)، فقفَّى الله به على آثار من سبقه من الرسل. وهذه اللفظة مشتقة من القفو، يقال: قفاه يقفوه: إذا تأخَّر عنه. ومنه: قافية الرأس، وقافية البيت، فالمقفِّي: الذي قفا مَن قبله من الرسل، فكان خاتمهم وآخرهم.


(١) كذا في جميع الأصول، وهو سهو صوابه: «أهل الكتاب» كما في الطبعة الهندية وغيرها. وقد ورد ذلك في حديث عياض بن حمار المجاشعي في «صحيح مسلم» (٢٨٦٥).
(٢) حذف «من الرسل» في النسخ المطبوعة ما عدا الطبعة الهندية، وهو أشبه.