للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علاج القلب والبدن وصلاحهما.

فإن قيل: ففي قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تخرجوا فرارًا منه» ما يُبطل أن يكون أراد هذا المعنى الذي ذكرتموه، وأنَّه لا يمتنع الخروج لعارضٍ، ولا يحبس مسافرًا (١) عن سفره؟

قيل: لم يقل أحدٌ طبيبٌ ولا غيره: إنَّ النَّاس يتركون حركاتهم عند الطَّواعين، ويصيرون بمنزلة الجمادات. وإنَّما ينبغي فيه التَّقلُّل من الحركة بحسب الإمكان. والفارُّ منه لا موجب لحركته إلا مجرَّد الفرار منه، ودعته وسكونه أنفع لقلبه وبدنه، وأقرب إلى توكُّله على الله واستسلامه لقضائه. وأمَّا من لا يستغني عن الحركة كالصُّنَّاع والأجراء والمسافرين والبُرُد وغيرهم، فلا يقال لهم: اتركوا حركاتكم جملةً، وإن أُمِروا أن يتركوا منها ما لا حاجة لهم إليه كحركة المسافر فارًّا منه. والله أعلم.

وفي المنع من الدُّخول إلى الأرض الَّتي قد وقع بها عدَّة حكمٍ:

أحدها: تجنُّب الأسباب المؤذية والبعد منها.

الثَّاني: الأخذ بالعافية الَّتي هي مادَّة مصالح (٢) المعاش والمعاد.


(١) س: «مسافرٌ».
(٢) لفظ «مصالح» ساقط من ن، وكذا من النسخ المطبوعة.