للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنَّه لا يكون مزمنًا إلا عن مادَّةٍ باردةٍ غليظةٍ، قد رسخت في العضو، وأفسدت مزاجه، وأحالت جميعَ ما يصل إليه إلى مشابهة جوهرها، فيشتعل (١) في ذلك العضو، فتُستخرَج بالكيِّ تلك المادَّةُ من ذلك المكان الذي هي فيه، بإفناء الجزء النَّاريِّ الموجود بالكيِّ لتلك المادَّة.

فتعلَّمنا بهذا الحديث الشَّريف أخذَ معالجةِ الأمراض المادِّيَّة جميعها كما استنبطنا معالجةَ الأمراض السَّاذجة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ شدَّة الحمَّى من فَيح جهنَّم، فأبرِدوها بالماء» (٢).

فصل

وأمَّا الحِجامة، ففي «سنن ابن ماجه» (٣) من حديث جُبَارة بن المغلِّس ــ وهو ضعيف ــ عن كَثير بن سُلَيم قال: سمعتُ أنس بن مالكٍ يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما مررتُ ليلةَ أُسْريَ بي بملإٍ إلا قالوا: يا محمَّد، مُرْ أمَّتك بالحجامة».

وروى الترمذي في «جامعه» (٤) من حديث ابن عبَّاسٍ هذا الحديث،


(١) د: «فتشتعل». وفي ز، حط: «فيستعمل»، تصحيف. وفي مخطوطة كتاب الحموي: «فيستفحل». والجملة «فيشتعل في ذلك العضو» ساقطة من ث، ل.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) برقم (٣٤٧٩). وأخرجه الطَّبراني في «الأوسط» (٣١٧٦)، وابن عدي في «الكامل» (٧/ ١٩٨ - ١٩٩)، من طريقين آخَرين عن كثيرٍ به، وكثيرٌ ضعيف أيضًا. وقد ضعَّف إسنادَه العراقيُّ في «المغني» (٤١٠٦)، والبوصيريُّ في «المصباح» (٤/ ٦٢). وله شواهد من حديث ابن مسعود وابن عمر وابن عبَّاس ومالك بن صعصعة وأبي سعيد الخدري وعليٍّ - رضي الله عنهم -، يتقوَّى ببعضها، والله أعلم.
(٤) برقم (٢٠٥٣) وليس عنده قولُه: «يا محمَّد»، وإنَّما هو عند ابن ماجه (٣٤٧٧) وأحمد (٣٣١٦)، وسيورده المصنِّف بتمامِه بعد حديثين، ويَأتي تخريجُه هناك.