للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مرضه، وعصبُ الرَّأس ينفع في وجع الشَّقيقة وغيرها من أوجاع الرَّأس.

فصل

وعلاجه يختلف باختلاف أنواعه وأسبابه. فمنه ما علاجه بالاستفراغ، ومنه ما علاجه بتناول الغذاء، ومنه ما علاجه بالسُّكون والدَّعة، ومنه ما علاجه بالضَّمادات، ومنه ما علاجه بالتَّبريد، ومنه ما علاجه بالتَّسخين، ومنه ما علاجه بأن يجتنب سماع الأصوات والحركات.

إذا عُرِف هذا، فعلاجُ الصُّداع في هذا الحديث بالحنَّاء هو جزئيٌّ، لا كلِّيٌّ؛ وهو علاج نوعٍ من أنواعه. فإنَّ الصُّداع إذا كان من حرارةٍ ملهبةٍ ولم يكن من مادَّةٍ يجب استفراغها نفَع فيه الحنَّاءُ نفعًا ظاهرًا. وإذا دُقَّ وضمِّدت به الجبهةُ مع الخلِّ سكن الصُّداع. وفيه قوَّةٌ موافقةٌ للعصَب إذا ضمِّد به سكَّن أوجاعَه. وهذا لا يختصُّ بوجع الرَّأس بل يعمُّ الأعضاءَ. وفيه قبضٌ يشدُّ به الأعضاء. وإذا ضمِّد به موضعُ الورم الحادِّ الملتهب سكَّنه.

وقد روى البخاريُّ في «تاريخه» وأبو داود في «السُّنن» (١) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شكا إليه أحدٌ وجعًا في رأسه إلا قال له: «احتجِمْ»، ولا شكا (٢) وجعًا في رجليه إلا قال له: «اختضِبْ بالحنَّاء».


(١) «التَّاريخ الكبير» (١/ ٤١١)، «سنن أبي داود» (٣٨٥٨) من حديث سلمى خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه أيضًا أحمد (٢٧٦١٧، ٢٧٦١٨)، والطَّبرانيُّ في «الكبير» (٢٤/ ٢٩٨)، وابن عديٍّ في «الكامل» (٥/ ٥٠٠). وفي إسناده اختلاف، وصحَّحه الطَّبريُّ في «التَّهذيب» (١/ ٥٠٩ - مسند ابن عبَّاس)، والحاكم (٤/ ٤٠، ٢٠٦، ٤٠٧)، وحسَّنه النَّوويُّ في «المجموع» (٩/ ٦١)، وابن مفلح في «الآداب الشَّرعيَّة» (٢/ ٤٠٢)، والألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٠٥٩).
(٢) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «إليه».