للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرجوا أرسالًا متسلِّلين، أولهم فيما قيل: أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وقيل مصعب بن عمير. فقدِموا على الأنصار في دورهم، فآووهم، ونصروهم، وفشا الإسلام بالمدينة.

ثم أذن الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة، فخرج من مكة يوم الاثنين في شهر ربيع الأول ــ وقيل في صفر ــ وله إذ ذاك ثلاث وخمسون سنةً، ومعه أبو بكر الصديق، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، ودليلهم عبد الله بن الأُريقط الليثي. فدخل غار ثور هو وأبو بكر، وأقاما (١) فيه ثلاثًا. ثم أخذا على طريق الساحل.

فلما انتهوا إلى المدينة وذلك يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلةً خلت من شهر ربيع الأول ــ وقيل غير ذلك ــ نزل (٢) بقباء في أعلى المدينة على بني عمرو بن عوف، ونزل على كلثوم بن الهِدْم. وقيل: على سعد بن خيثمة، والأول أشهر. فأقام عندهم أربعة عشر يومًا، وأسَّس مسجد قباء.

ثم خرج يوم الجمعة، فأدركته الجمعة في بني سالم، فجمَّع بهم فيمن كان معه من المسلمين وهم مائة.

ثم ركب ناقته، وسار. وجعل الناس يكلِّمونه في النزول عليهم، ويأخذون بخطام (٣) الناقة، فيقول: «خلُّوا سبيلها فإنها مأمورة» (٤).


(١) ج، ق، ن: «فأقاما».
(٢) ص، ج: «فنزل».
(٣) ك: «خطام»، وكذا كان في ع، فغيَّره بعضهم إلى ما أثبت.
(٤) ذكره ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٩٤، ٤٩٥)، و «دلائل النبوة» (٢/ ٥٠٤). وقد روي من حديث ابن عمر كما أخرجه ابن عدي في «الكامل» في ترجمة جسر بن فرقد القصاب (٣/ ١٥١، ١٥٢) وقال: إنه باطل. وسيأتي مرة أخرى (٣/ ٧٢) وهناك مزيد التخريج.