للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشِّفاء منه كما خرج الدَّاء. يقال للرَّجلين: هما يتماقلان، إذا تغاطَّا في الماء.

واعلم أنَّ في الذُّباب عندهم قوَّةً سمِّيَّةً يدلُّ عليها الورم والحِكَّة العارضة عن لسعه (١). وهي بمنزلة السِّلاح، فإذا سقط فيما يؤذيه اتَّقاه بسلاحه، فأمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن تقابَل تلك السَّمِّيَّةُ بما أودعه الله سبحانه في جانبه الآخر من الشِّفاء، فيُغمَس كلُّه في الماء والطَّعام، فتقابل مادَّة السَّمِّيَّةِ المادَّةُ النَّافعةُ، فيزول ضررها. وهذا طبٌّ لا يهتدي إليه كبار الأطبَّاء وأئمَّتهم، بل هو خارجٌ من مشكاة النُّبوَّة. ومع هذا فالطَّبيب العالم العارف الموفَّق يخضع لهذا العلاج ويُقرُّ لمن جاء به بأنَّه أكمل الخلق على الإطلاق، وأنَّه مؤيَّدٌ بوحيٍ إلهيٍّ خارجٍ عن قوى البشر.

وقد ذكر غير واحدٍ من الأطبَّاء (٢) أنَّ لسع الزُّنبور والعقرب إذا دُلِك موضعه بالذُّباب نفَع منه نفعًا بيِّنًا وسكَّنه، وما ذاك إلا للمادَّة الَّتي فيه من الشِّفاء. وإذا دُلِك به الورمُ الذي يخرج في شُفْر (٣) العين المسمَّى «شَعيرةً» (٤) بعد قطع رؤوس الذُّباب أبرأه.


(١) كتاب الحموي (ص ٥٥٦).
(٢) انظر: كتاب الحموي (ص ٥٥٥ - ٥٥٦) ومنه النقل. وانظر في نفعه في لسع الزنبور والنحل: «الحاوي» (٥/ ٣١٩ - ٣٢٢) و «القانون» (١/ ٧٢٠) و (٣/ ٣٣٦)، وفي نفعه في الشعيرة: «الحاوي» (١/ ٢٥١، ٢٧٢) و «القانون» (٢/ ١٩٦).
(٣) هكذا في س، ل، ن، وكتاب الحموي (ص ٥٥٦) ومخطوطه (١٧٧/ب). وفي غيرها: «شعر»، تصحيف.
(٤) سمّي الورم المذكور بها لأنه يشبه في شكله الشَعير. انظر: «الحاوي» (١/ ٢٠٢) و «القانون» (٢/ ١٩٦).