للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلل يجوز عليه - صلى الله عليه وسلم - كأنواع الأمراض، ممَّا لا يُنكَر ولا يَقدَح في نبوَّته. وأمَّا كونه يخيَّل إليه أنَّه فعل الشَّيءَ ولم يفعله، فليس في هذا ما يُدخِل عليه داخلةً في شيءٍ من صدقه، لقيام الدَّليل والإجماع على عصمته من هذا. وإنَّما هذا فيما يجوز طروُّه (١) عليه في أمر دنياه الَّتي لم يُبْعَث بسببها (٢) ولا فُضِّل من أجلها، وهو فيها عرضةٌ للآفات كسائر البشر. فغير بعيدٍ أن يخيَّلَ إليه من أمورها ما لا حقيقة له، ثمَّ ينجلي (٣) عنه كما كان.

والمقصود: ذكر هديه في علاج هذا المرض. وقد روي عنه فيه (٤) نوعان:

أحدهما ــ وهو أبلغهما ــ: استخراجه وتبطيله، كما صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سأل ربَّه سبحانه في ذلك، فدلَّ عليه، فاستخرجه من بئرٍ، فكان في مُشْطٍ ومُشَاطةٍ وجُفِّ طَلْعةٍ ذكرٍ. فلمَّا استخرجه ذهب ما به حتَّى كأنَّما نُشِط (٥) من عِقالٍ. فهذا من أبلغ ما يعالَج به المطبوبُ، وهذا بمنزلة إزالة المادَّة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاستفراغ.

والنَّوع الثَّاني: الاستفراغ في المحلِّ الذي يصل إليه أذى السِّحر. فإنَّ للسِّحر تأثيرًا في الطَّبيعة وهيجان أخلاطها وتشويش مزاجها، فإذا ظهر أثره في عضوٍ وأمكن استفراغ المادَّة الرَّديَّة من ذلك العضو نَفَع جدًّا.


(١) تسهيل «طروءُه».
(٢) في النسخ المطبوعة: «لسببها». وفي مصدر النقل كما أثبت من النسخ.
(٣) رسمه في جميع النسخ «ينحل».
(٤) «فيه» ساقط من د.
(٥) في طبعة الرسالة: «أنشط» تبعًا للفقي.