للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبقراط (١): الأشياء الَّتي ينبغي أن تُسْتفرَغ يجب أن تستفرَغ من المواضع الَّتي هي إليها أميل، بالأشياء (٢) الَّتي تصلُح لاستفراغها.

وقالت طائفةٌ من النَّاس (٣): إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا أصيب بهذا الدَّاء وكان يخيَّل إليه أنَّه فعل الشَّيء ولم يفعله، ظنَّ أنَّ ذلك عن مادَّةٍ دمويَّةٍ أو غيرها مالت إلى جهة الدِّماغ، وغلبت على البطن المقدَّم منه، فأزالت مزاجه عن الحالة الطَّبيعيَّة له. وكان استعمال الحجامة إذ ذاك من أبلغ الأدوية وأنفع المعالجة، فاحتجَم. وكان ذلك قبل أن يوحي الله إليه (٤) أنَّ ذلك من السِّحر. فلمَّا جاءه الوحي من الله تعالى وأخبره أنَّه قد سُحِرَ عدل إلى العلاج الحقيقيِّ، وهو استخراج السِّحر وإبطاله، فسأل الله سبحانه، فدلَّه على مكانه، فاستخرجه فقام كأنَّما نُشِط من عقالٍ.

وكان غاية هذا السِّحر فيه إنَّما هو في جسده وظاهر جوارحه، لا على عقله وقلبه. ولذلك لم يكن يعتقد صحَّة ما يخيَّل (٥) إليه من إتيانه النِّساء، بل


(١) في المقالة الأولى من «فصوله» نسخة الحرم المكي (٣/أ)، والنقل من كتاب الحموي (ص ٣١٩).
(٢) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة. وفي كتاب الحموي مطبوعه ومخطوطه (٩٢/ب): «بالأعضاء»، وهكذا في «فصول أبقراط». وفي شرح ابن أبي صادق للفصول (ل ٣٤): «من الأعضاء». ولعل المصنف انتقل بصره إلى كلمة «الأشياء» في السطر السابق، فأعادها.
(٣) هو قول الحموي (ص ٣١٨ - ٣١٩).
(٤) ما عدا ف، ز، د: «يُوحى إليه».
(٥) في أكثر النسخ: «يميل»، تصحيف.