للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويذكر عن جابر يرفعه: «إنَّ العينَ لَتُدخِلُ الرَّجلَ القبرَ، والجملَ القِدْرَ» (١).

وعن أبي سعيد: كان (٢) النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتعوَّذ من الجانِّ، ومن عين الإنسان (٣).

فأبطلت طائفةٌ ممَّن قلَّ نصيبهم من السَّمع والعقل أمرَ العين، وقالوا: إنَّما ذلك أوهامٌ لا حقيقة لها. وهؤلاء من أجهل النَّاس بالسَّمع والعقل، ومن أغلظهم حجابًا، وأكثفهم طباعًا، وأبعدهم معرفةً عن الأرواح والنُّفوس وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها. وعقلاءُ الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره، وإن اختلفوا في سببه وجهة تأثير العين.

فقالت طائفةٌ (٤): إنَّ العائن إذا تكيَّفت نفسه بالكيفيَّة الرَّديَّة انبعث من


(١) أخرجه ابن عديٍّ في «الكامل» (٦/ ٤٠٨) من طريق معاوية بن هشام، عن الثَّوريِّ، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر به. قال أبو نعيم في «الحلية» (٧/ ٩١): «غريب من حديث الثَّوريِّ، تفرَّد به معاوية»، وقال الخطيب في «تاريخ بغداد» (٩/ ٢٤٤): «ويقال: إنَّه غلَط، وإنَّما هو: عن معاوية، عن عليِّ بن أبي عليٍّ، عن ابن المنكدر، عن جابر»، وعليٌّ هذا متروك؛ ولذا حكم بنكارة الحديث الذَّهبيُّ في «الميزان» (٢/ ٢٧٥)، وضعَّفه السَّخاويُّ في «المقاصد الحسنة» (٧٢٦).
(٢) في ن: «أنَّ»، فزاد بعضهم قبل «يتعوَّذ»: «كان». وكذا في النسخ المطبوعة!
(٣) أخرجه التِّرمذيُّ (٢٠٥٨)، والنَّسائيُّ (٥٤٩٤)، وابن ماجه (٣٥١١)، وغيرهم. قال التِّرمذيُّ: «هذا حديث حسنٌ غريب»، وصحَّحه الألبانيُّ في «تخريج الكلم الطَّيِّب» (٢٤٦).
(٤) انظر الأقوال الآتية في «المعلم» للمازري (٣/ ١٥٦) و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (٧/ ٨٢)، والمصنف صادر عن كتاب الحموي (ص ٢٨٣).