للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمقابلة (١)، وتارةً بالرُّؤية، وتارةً بتوجُّه الرُّوح نحو من يؤثِّر فيه، وتارةً بالأدعية والرُّقى والتَّعوُّذات، وتارةً بالوهم والتَّخيُّل. ونفس العائن لا يتوقَّف تأثيرها على الرُّؤية، بل قد يكون أعمى، فيوصف له الشَّيءُ (٢)، فتؤثِّر نفسه فيه وإن لم يره. وكثيرٌ من العائنين يؤثِّر في المَعِين بالوصف من غير رؤيةٍ.

وقد قال تعالى لنبيِّه: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} (٣) [القلم: ٥١].

وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: ١ - ٥].

فكلُّ عائنٍ حاسدٌ، وليس كلُّ حاسدٍ عائنًا، فلمَّا كان الحاسد أعمَّ من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذةً من العائن. وهي سهامٌ تخرج من نفس الحاسد والعائن نحوَ المحسود والمَعِين تصيبه تارةً، وتخطئه تارةً. فإن صادفته مكشوفًا لا وقاية عليه أثَّرت فيه ولا بدَّ. وإن صادفته حذِرًا شاكيَ السِّلاح لا منفذ فيه للسِّهام لم تؤثِّر فيه، وربَّما ردَّت السِّهام على صاحبها.


(١) «وتارةً بالمقابلة» ساقط من د.
(٢) لفظ «الشيء» ساقط من د.
(٣) للمفسرين قولان في الآية. أحدهما أن الكفار قصدوا أن يصيبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعين. قال ابن الجوزي في «زاد المسير» (٨/ ٣٤٣): هذا قول الكلبي وتابعه قوم من المفسرين ومنهم الفراء. والثاني أنهم كانوا ينظرون إليه بالعداوة نظرًا شديدًا يكاد يُزلقه من شدته أي يصرعه. قال: «وإلى هذا ذهب المحققون، منهم ابن قتيبة والزجاج». وقد ذكر المصنف القولين في «بدائع الفوائد» (٢/ ٧٥٢ - ٧٥٤) وجمع بينهما، وقال: «فالقولان حقٌّ».