للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعظم من التَّفاوت الذي بينهم وبين الطُّرقيَّة بما لا يدرك الإنسانُ مقدارَه.

فقد ظهر لك عقدُ الإخاء الذي بين الحكمة والشَّرع، وعدمُ مناقضة أحدهما للآخر. والله يهدي من يشاء إلى الصَّواب، ويفتح لمن أدام قرعَ بابِ التَّوفيق منه كلَّ بابٍ. وله النِّعمة السَّابغة، والحجَّة البالغة.

فصل

ومن علاج ذلك أيضًا والاحتراز منه: سترُ محاسن من يخاف عليه العين بما يردُّها عنه، كما ذكر البغوي في كتاب «شرح السُّنَّة» (١): أنَّ عثمان - رضي الله عنه - رأى صبيًّا مليحًا فقال: دسِّموا نُونتَه؛ لئلَّا تصيبه العين. ثمَّ قال في تفسيره: ومعنى «دسِّموا نونته» أي: سوِّدوا نونته. والنُّونة: النُّقْبة (٢) الَّتي تكون في ذقَن الصَّبيِّ الصَّغير.

وقال الخطابي في «غريب الحديث» له (٣) عن عثمان: إنَّه رأى صبيًّا تأخذه العين، فقال: دسِّموا نُونتَه. فقال أبو عمر: وسألت أحمد بن يحيى عنه فقال: أراد بالنُّونة الثُّغرة (٤) الَّتي في ذقَنه. والتَّدسيم: التَّسويد. أراد: سوِّدوا


(١) (١٢/ ١٦٦) و (١٤/ ١٧٨). قال الخطَّابيُّ في «غريب الحديث» (٢/ ١٣٩): «رواه أحمد بن يحيى الشَّيبانيُّ، عن محمَّد بن زياد الأعرابيِّ، ذكره أبو عمر». وأحمد بن يحيى هو المشهور بثعلب، وأبو عمر هو غلامُه.
(٢) كذا في جميع النسخ الخطية وفي «اللسان» (نقب) عن «المحكم». وفي مطبوعة «المحكم» (١١/ ١٣٨): «الثقبة»، وكذا في مطبوعة «شرح السنة» (١١/ ١٣٨). وفي طبعة الرسالة: «النقرة» تبعًا للطبعات السابقة.
(٣) (٢/ ١٣٩).
(٤) كذا في جميع النسخ الخطية. وفي النسخ المطبوعة: «النقرة»، وكذا في «غريب الخطابي».