للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجذب السُّموم ويحلِّلها (١). ولمَّا كان في لسعها قوَّةٌ ناريَّةٌ تحتاج إلى تبريدٍ وجذبٍ وإخراجٍ جمَعَ بين الماء المبرِّد لنار اللَّسعة، والملح الذي فيه جذبٌ وإخراجٌ. وهذا أتمُّ ما يكون من العلاج وأيسره وأسهله. وفيه تنبيهٌ على أنَّ علاج هذا الدَّاء بالتَّبريد والجذب والإخراج. والله أعلم.

وقد روى مسلم في «صحيحه» (٢) عن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول اللَّه، ما لقيتُ من عقربٍ لدغتني البارحة! فقال: «أمَا، لو قلتَ حين أمسيتَ: أعوذ بكلمات الله التَّامَّات من شرِّ ما خلَق= لم يضرَّك (٣)».

واعلم أنَّ الأدوية الإلهيَّة تنفع من الدَّاء بعد حصوله، وتمنع من وقوعه، وإن وقع لم يقع وقوعًا مُضِرًّا وإن كان مؤذيًا. والأدوية الطَّبيعيَّة إنَّما تنفع بعد حصول الدَّاء. فالتَّعوُّذات والأذكار إمَّا أن تمنع وقوع هذه الأسباب، وإمَّا أن تحول بينها وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التَّعوُّذ وقوَّته وضعفه.

فالرُّقى والعُوَذ تستعمل لحفظ الصِّحَّة، ولإزالة المرض (٤). أمَّا الأوَّل فكما في «الصَّحيحين» (٥) من حديث عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه نفَث في كفَّيه بـ (قُل هو الله أحدٌ) والمعوِّذتين، ثمَّ يمسح بهما وجهَه وما بلغت يدُه من جسده.


(١) لم يشر المؤلف إلى فائدة الملح في لدغة العقرب في قسم المفردات.
(٢) برقم (٢٧٠٩).
(٣) أهمل حرف المضارع في ث، ل وفي ن بالتاء كما في مطبوعة «صحيح مسلم». وفي غيرها بالياء.
(٤) انظر: كتاب الحموي (ص ٢٦٤).
(٥) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة، وهو سهو. وإنما أخرجه البخاري (٥٧٤٨).