للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا دواءٌ وعلاجٌ لا يعمل إلا مع المحبِّين، ولا يمكن كلَّ أحدٍ أن يتعالج به.

ومن علاجها: أن يوازن بين أعظم اللَّذَّتين والتمتُّعَين (١) وأدوَنِهما (٢): لذَّة تمتُّعه بما أصيب به، ولذَّة تمتُّعه بثواب الله له. فإن ظهر له الرُّجحانُ، فآثر الرَّاجحَ، فليحمد الله على توفيقه. وإن آثر المرجوحَ من كلِّ وجهٍ، فليعلم أنَّ مصيبته في عقله وقلبه ودينه أعظَمُ من مصيبته الَّتي أصيب بها في دنياه.

ومن علاجها: أن يعلم أنَّ الذي ابتلاه بها (٣): أحكم الحاكمين، وأرحم الرَّاحمين؛ وأنَّه سبحانه لم يرسل إليه البلاء لِيُهلكه به، ولا ليعذِّبه (٤)، ولا ليجتاحَه. وإنَّما افتقده به ليمتحن صبرَه ورضاه عنه وإيمانه، وليسمعَ تضرُّعه وابتهالَه، وليراه طريحًا ببابه، لائذًا بجنابه، مكسورَ القلب بين يديه، رافعًا قصصَ الشَّكوى إليه.

قال الشيخ عبد القادر: يا بُنيَّ، إنَّ المصيبة ما جاءت لِتُهلكك، وإنَّما جاءت لتمتحن صبرك وإيمانك. يا بُنيَّ، القدرُ سَبُعٌ، والسَّبُع لا يأكل الميتة (٥).

والمقصود: أنَّ المصيبة كِيرُ العبد الذي يُسبَك به حاصله، فإمَّا أن يخرج


(١) ث: «النعمتين». وفي ل: «النعيمين»، وكلاهما تصحيف.
(٢) هذا في الأصل (ف) وس. وفي غيرهما والنسخ المطبوعة: «وأدومهما» من الدوام، ولعله تصحيف.
(٣) بعده في ز: «هو»، وأخشى أن يكون زيادة من بعض القراء.
(٤) في ث، ل بعده زيادة: «به».
(٥) لم أجده. وفي تشبيه القدر بالسبع نظر.