للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبويَّة من الأمور المضادَّة لهذه الأدواء. فإنَّ المرض يُزَال بالضِّدِّ، والصِّحَّة تُحفَظ بالمثل. فصحَّتُه تُحفَظ بهذه الأمور النَّبويَّة، وأمراضُه بأضدادها.

فالتَّوحيد يفتح للعبد بابَ الخير والسُّرور واللَّذَّة والفرح والابتهاج. والتَّوبةُ استفراغٌ للأخلاط (١) والموادِّ الفاسدة الَّتي هي سببُ أسقامه، وحِمْيةٌ له من التَّخليط؛ فهي تغلق عنه باب الشُّرور. فيُفْتَح (٢) بابُ السَّعادة والخير بالتَّوحيد، ويُغْلَق (٣) بابُ الشُّرور بالتَّوبة والاستغفار.

قال بعض المتقدِّمين من أئمَّة الطِّبِّ: من أراد عافية الجسم فليقلِّل من الشراب والطَّعام، ومن أراد عافية القلب فليترك الآثام.

وقال ثابت بن قُرَّة: راحةُ الجسم في قلَّة الطَّعام، وراحةُ الرُّوح في قلَّة الآثام، وراحةُ اللِّسان في قلَّة الكلام (٤).

والذُّنوب للقلب بمنزلة السُّموم إن لم تهلكه أضعفته ولا بدَّ، وإذا ضعفت قوَّته لم يقدر على مقاومة الأمراض. قال طبيب القلوب عبد الله بن المبارك (٥):


(١) س، حط: «الأخلاط». وفي ث: «واستفراغ الأخلاط»، وهو خطأ.
(٢) في ز، حط، د: «وتفتح»، وهو خطأ من ناسخ ظنَّه معطوفًا على «تغلق». وبعده في ث، ل زيادة: «له».
(٣) بعده في ث، ل زيادة: «عليه».
(٤) «عيون الأنباء» (١/ ٢٩٨).
(٥) من أبيات في «معجم ابن المقرئ» (ص ٣٦٤) و «حلية الأولياء» (٨/ ٢٧٨). وفي كتاب «التوبة» لابن أبي الدنيا (ص ٣٦) أنه كان يتمثل بهما. وانظر: «ديوانه» (ص ١١٤ - ١١٥). وقد أنشدهما المؤلف في «مدارج السالكين» (٣/ ٢٤٧) ومع ثالث في «الداء والدواء» (ص ١٤٧) و «أعلام الموقعين» (١/ ١٦).