للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّامَّة تضادُّ جميع الآلام والأسقام (١)، ولهذا لمَّا كملت حياة أهل الجنَّة لم يلحقهم همٌّ ولا غمٌّ ولا حزنٌ ولا شيءٌ من الآفات. ونقصان الحياة يُضرُّ (٢) بالأفعال، وينافي القيُّوميَّة، فكمالُ القيُّوميَّة بكمال (٣) الحياة. فالحيُّ المطلقُ التَّامُّ الحياةِ لا تفوته صفةُ كمالٍ (٤) البتَّة، والقيُّوم لا يتعذَّر عليه فعلٌ ممكنٌ البتَّة. فالتَّوسُّل بصفة الحياة والقيُّوميَّة له تأثيرٌ في إزالة ما يضادُّ الحياة ويضرُّ بالأفعال.

ونظير هذا توسُّل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى ربِّه بربوبيَّةِ جبريل (٥) وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختُلِف فيه من الحقِّ بإذنه، فإنَّ حياة القلب بالهداية وقد وكَّل الله سبحانه هؤلاء الأملاك الثَّلاثة بالحياة:

فجبريل موكَّلٌ بالوحي الذي هو حياة القلوب. وميكائيل بالقَطْر الذي هو حياة الأبدان والحيوان. وإسرافيل بالنَّفخ في الصُّور الذي هو سبب حياة العالم وعَود الأرواح إلى أجسادها. فالتَّوسُّل إليه سبحانه بربوبيَّة (٦) هذه الأرواح العظيمة الموكَّلة بالحياة، له تأثيرٌ في حصول المطلوب.


(١) ن: «الأسقام والآلام».
(٢) في معظم النسخ: «تضُرّ»، وكذا «تنافي» في الجملة الآتية، وكذا في النسخ المطبوعة، وذلك تصحيف، فإن الذي يضر وينافي هو نقصان الحياة لا الحياة.
(٣) ث، ل: «لكمال»، وهو تصحيف.
(٤) د: «الكمال».
(٥) يعني بكونه ربًّا لجبريل. والمصدر مضاف إلى مفعوله كما في قوله الآتي: «بربوبية هذه الأرواح». وفي ث، ل، ن: «بربوبيته».
(٦) ز: «بربوبيته».