للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعظَمُها. والرُّبوبيَّةُ التَّامَّةُ تستلزم توحيدَه وأنَّه الذي لا تنبغي (١) العبادة والحبُّ والخوف (٢) والرَّجاء والإجلال والطَّاعة إلا له. وعظمتُه المطلقةُ تستلزم إثباتَ كلِّ كمالٍ له وسلبَ كلِّ نقصٍ وتمثيلٍ عنه. وحلمُه يستلزم كمالَ رحمته وإحسانه إلى خلقه.

فعلمُ القلب ومعرفتُه بذلك يوجب (٣) محبَّته وإجلاله وتوحيده، فيحصل له من الابتهاج واللَّذَّة والسُّرور ما يدفع عنه ألمَ الكرب والهمِّ والغمِّ. وأنت تجد المريضَ إذا ورد عليه ما يسرُّه ويُفرحه ويقوِّي نفسه، كيف تقوى الطَّبيعة على دفع المرض الحسِّيِّ! فحصول هذا الشِّفاء للقلب أولى وأحرى.

ثمَّ إذا قابلتَ بين ضيق الكرب وسعة هذه الأوصاف الَّتي تضمَّنها دعاء الكرب وجدتَه في غاية المناسبة لتفريج هذا الضِّيق وخروج القلب منه إلى سعة البهجة والسُّرور. وهذه الأمور إنَّما يصدِّق بها من أشرقت فيه أنوارها وباشر قلبُه حقائقَها.

وفي تأثير قوله: «يا حيُّ يا قيُّوم، برحمتك أستغيث» في دفع هذا الدَّاء مناسبةٌ بديعةٌ، فإنَّ صفةَ الحياة متضمِّنةٌ لجميع صفات الكمال، مستلزمةٌ لها؛ وصفةَ القيُّوميَّة متضمِّنةٌ لجميع صفات الأفعال. ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى هو اسم «الحيِّ القيُّوم». والحياة


(١) أهمل حرف المضارع في الأصل (ف) وفي س، ث، ل. وفي حط، ب: «ينبغي». وكلاهما جائز.
(٢) «والخوف» ساقط من د.
(٣) حط، ن: «توجب».