للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأحجار وغيرها، ولا سيَّما أسقية الأَدَم. ولهذا التمس النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ماءً بات في شنَّةٍ دون غيرها من الأواني. وفي الماء إذا وُضِع في الشِّنان وقِرَب الأَدَم خاصَّةٌ لطيفةٌ لما فيها من المسامِّ المنفتحة الَّتي يرشح منها الماء. ولهذا الماءُ (١) في الفخَّار الذي يرشح ألذُّ (٢) منه وأبردُ في الذي لا يرشح. فصلاة الله وسلامه على أكمل الخلق، وأشرفِهم نفسًا، وأفضلِهم هديًا في كلِّ شيءٍ. لقد دلَّ أمَّته على أفضل الأمور وأنفعِها لهم في القلوب والأبدان والدُّنيا والآخرة.

قالت عائشة: كان أحبُّ الشَّراب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحلو البارد (٣). وهذا يحتمل أن تريد (٤) به الماء العذب كمياه العيون والآبار الحلوة فإنَّه كان يُستعذَب له الماء. ويحتمل أن تريد به الماء الممزوج بالعسل (٥) أو الذي نُقِعَ فيه التَّمر والزَّبيب. وقد يقال ــ وهو الأظهر ــ: يعمُّهما جميعًا.


(١) في طبعة الرسالة: «كان الماء» تبعًا للفقي الذي زاد «كان».
(٢) ث، ل: «من الفخار ألذُّ»، تحريف وسقط.
(٣) أخرجه التِّرمذيُّ (١٨٩٥)، والنَّسائيُّ في «الكبرى» (٦٨١٥)، وأحمد (٢٤١٠٠، ٢٤١٢٩)، وأبو يعلى (٤٥١٦)، وابن عديٍّ في «الكامل» (٥/ ٣٠٤)، وغيرهم. واختُلف في إسناده، فيُروى من مسند أبي هريرة - رضي الله عنه -، ورجَّح أبو زرعة إرساله كما في «العلل» لابن أبي حاتم (٤/ ٤٨٨)، وكذا التِّرمذي، والدَّارقطني في «العلل» (١٤/ ١١٩)، والبيهقي في «الآداب» (ص ١٧٤)، ومع ذلك صحَّحه الحاكم (٤/ ١٣٧)، وخرَّجه الألبانيُّ في «السِّلسلة الصَّحيحة» (٢١٣٤، ٣٠٠٦). وفي الباب عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -.
(٤) لم ينقط حرف المضارع في الأصل هنا وفي الموضع الآتي، وكذا في ث. وفي ن في الموضعين: «تريد»، وفي حط: «يريد» أي القائل. والأخرى مذبذبة بينهما.
(٥) أثبت ناسخ د «الماء الممزوج بالعسل» في السطر السابق بعد كلمة «العذب».