للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن فوائده: أنَّ الشَّارب إذا شرب أوَّل مرَّةٍ تصاعد البخار الدُّخانيُّ الحارُّ الذي كان على القلب والكبد لورود الماء البارد عليه، فأخرجته الطَّبيعة عنها. فإذا شرب مرَّةً واحدةً اتَّفق نزولُ الماء البارد وصعودُ البخار، فيتدافعان ويتعالجان. ومن ذلك يحدث الشَّرَق والغصَّة، ولا يتهنَّأ الشَّارب بالماء ولا يُمرئه، ولا يتمُّ ريُّه.

وقد روى عبد الله بن المبارك والبيهقي (١) وغيرهما عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا شرب أحدكم فليمُصَّ الماء مصًّا، ولا يعُبَّ عبًّا فإنَّه من الكُبَاد».

والكُبَاد بضمِّ الكاف وتخفيف الباء هو وجع الكبد (٢). وقد عُلِم بالتَّجربة أنَّ ورود الماء جملةً واحدةً على الكبد يؤلمها ويُضعِف حرارتها. وسبب ذلك: المضادَّة الَّتي بين حرارتها وبين ما ورد عليها من كيفيَّة المُبَرِّد (٣) وكمِّيَّته. ولو ورد بالتَّدريج شيئًا فشيئًا لم يضادَّ حرارتها ولم يُضْعِفها. وهذا مثاله: صبُّ الماء البارد على القِدْر وهي تفور، لا يضرُّها صبُّه قليلًا قليلًا.


(١) أخرجه ابن المبارك ــ ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في «الطِّب النَّبوي» (٣٧٣) ــ عن معمر، عن ابن أبي حسين به مُرسلًا، ولفظه في آخره: «فإنَّ الكُبادَ من العَبِّ». وأخرجه البيهقيُّ في «الكبرى» (٧/ ٢٨٤) وفي «الشُّعب» (٥٦١١) من طريق عبد الرَّزَّاق عن معمر به، وهو في «الجامع» لمعمر (١٩٥٩٤ - آخر «المصنَّف»). وفي الباب عن أنس وعليٍّ - رضي الله عنهما -، وعن ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح مرسلًا. وينظر: «السِّلسلة الضَّعيفة» (٢٥٧١، ١٤٢٨، ٢٣٢٣، ٩٤٠).
(٢) «النهاية في غريب الحديث» (٤/ ١٣٩).
(٣) في ن: «المبرود»، تحريف. وكذا في النسخ المطبوعة.