للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله وسلامه على من نالت به أمَّته كلَّ خيرٍ.

وقوله (١): «أسلمتُ نفسي إليك» أي: جعلتها مسلَّمةً لك تسليمَ العبد المملوك نفسَه إلى سيِّده ومالكه.

وتوجيهُ وجهه إليه يتضمَّن إقباله بالكلِّيَّة على ربِّه، وإخلاصَ القصد والإرادة له، وإقرارَه بالخضوع والذُّلِّ والانقياد. قال تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} (٢) [آل عمران: ٢٠].

وذكَر «الوجه»، إذ هو أشرف ما في الإنسان ومجمَعُ (٣) الحواسِّ. وأيضًا ففيه معنى التَّوجُّه (٤) والقصد من قوله:

ربَّ العباد إليه الوجهُ والعمَلُ (٥)

وتفويضُ الأمر إليه: ردُّه إلى الله سبحانه. وذلك يوجب سكون القلب وطمأنينته، والرِّضى بما يقضيه ويختاره له ممَّا يحبُّه ويرضاه. والتَّفويض من أشرف مقامات العبوديَّة، ولا علَّة فيه، وهو من مقامات الخاصَّة خلافًا


(١) لفظ الحديث الذي فسَّره هنا هو لفظ البخاري (٦٣١٥).
(٢) في ن زيادة: «ومن اتبعن».
(٣) ز، د: «ويجمع».
(٤) ث، ل: «التوحيد»، تصحيف.
(٥) زاد ناشر طبعة الرسالة في متنها صدر البيت دون تنبيه:
أستغفرُ الله ذنبًا لستُ مُحْصِيَه
وهو من شواهد سيبويه (١/ ٣٧). وذكره الفراء في «معاني القرآن» (١/ ٢٣٣) من إنشاد الكسائي. ولم يعرف قائله.