للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لوطٍ، فقال تعالى إخبارًا عنهم لمَّا جاءت الملائكة لوطًا: {(٦٦) وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (٦٩) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: ٦٧ - ٧٢].

وأمَّا ما زعمه بعض من لم يقدِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقَّ قدره أنَّه ابتلي به في شأن زينب بنت جحش، وأنَّه رآها، فقال: «سبحان مقلِّب القلوب». وأخذت بقلبه، وجعل يقول لزيد بن حارثة: «أَمْسِكْها»، حتَّى أنزل الله عليه: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: ٣٧] (١). فظنَّ هذا الزَّاعم أنَّ ذلك في شأن العشق.

وصنَّف بعضهم كتابًا في العشق (٢)، وذكر فيه عشق الأنبياء، وذكر هذه الواقعة. وهذا من جهل هذا القائل بالقرآن وبالرسول، وتحميلهِ كلامَ الله ما لا يحتمله، ونسبتهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ما برَّأه الله منه. فإنَّ زينب بنت جحش كانت تحت زيد بن حارثة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تبنَّاه, وكان يُدعى ابن محمد (٣)،


(١) أخرج القصَّة بهذا المعنى الباطل ابن سعد في «الطَّبقات الكبرى» (٨/ ١٠١ - ١٠٢)، والحاكم (٤/ ٢٣)، من حديث محمَّد بن يحيى بن حبَّان مرسلًا. وفي سندها محمَّد بن عمر الواقديُّ وهو متروك، عن عبد الله بن عامر الأسلميِّ وهو ضعيف؛ ولذا قال ابن العربيِّ في «أحكام القرآن» (٣/ ٥٧٧) عن هذه الرِّواية وغيرِها ممَّا في معناها: «هذه الرِّوايات كلُّها ساقطةُ الأسانيد».
(٢) لم أهتد إلى الكتاب المذكور ولا مؤلفه.
(٣) أثبت الفقي: «زيد بن محمد»، وكذا في طبعة الرسالة.