للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تجلب عليه هذه الشَّهوة من مفاسد عاجِلَته، وما تمنعه من مصالحها؛ فإنَّها أجلَبُ شيءٍ لمفاسد الدُّنيا، وأعظَمُ شيءٍ تعطيلًا لمصالحها؛ فإنَّها تحول بين العبد وبين رشده الذي هو ملاك أمره وقوام مصالحه.

فإن لم تقبل نفسه هذا الدَّواء، فليتذكَّر قبائح المحبوب وما يدعوه إلى النُّفرة عنه؛ فإنَّه إن طلبها وتأمَّلها وجدها أضعاف محاسنه الَّتي تدعو إلى حبِّه. وليسأل جيرانه عمَّا خفي عليه منها. فإنَّ المحاسن كما هي داعية الحبِّ (١) والإرادة، فالمساوي داعية البغض والنُّفرة. فليوازن بين الدَّاعيين، وليحبَّ أسبقهما وأقربهما منه بابًا. ولا يكن ممَّن غرَّه ثوبُ (٢) جمالٍ على جسمٍ أبرص مجذومٍ. وليجاوز بصرُه حسنَ الصُّورة (٣) إلى قبح الفعل، وليعبُرْ من حسن المنظر والجسم إلى قبح المَخْبَر والقلب.

فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلُّها لم يبق له إلا صدقُ اللَّجأ إلى من يجيب المضطرَّ إذا دعاه. وليطرح (٤) نفسه بين يديه على بابه مستغيثًا به، متضرِّعًا متذلِّلًا مستكينًا. فمتى وُفِّق لذلك فقد قرَع باب التَّوفيق. وَلْيعفَّ، وَلْيكتُمْ، ولا يشبِّبْ بذكر المحبوب، ولا يفضَحْه بين النَّاس ويعرِّضْه للأذى، فإنَّه يكون ظالمًا معتديًا (٥).


(١) س، ل: «إلى الحب»، وكذا «إلى البغض» في الجملة الآتية.
(٢) ز، ل: «لوث»، وأشير في هامش س إلى هذه النسخة، وكذا في الطبعة الهندية. وفي طبعة عبد اللطيف وما بعدها: «لون».
(٣) س: «الصور».
(٤) ز: «فليطرح».
(٥) ز، ل، ن: «متعدِّيًا».