للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنت إذا تأمَّلت الأمراض والآفات الَّتي حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابها بالشَّهادة وجدتها من الأمراض الَّتي لا علاج لها، كالمطعون والمبطون والمجنوب (١) والحريق (٢) والغريق وموت المرأة يقتلها ولدُها في بطنها (٣). فإنَّ هذه بلايا من الله، لا صنع للعبد فيها، ولا علاج لها، وليست أسبابها محرَّمةً، ولا يترتَّب عليها من فساد القلب وتعبُّده لغير الله ما يترتَّب على العشق.

فإن لم يكف هذا في إبطال نسبة هذا الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلِّد أئمَّةَ الحديث العالمين به وبعلله، فإنَّه لا يُحفَظ عن إمامٍ واحدٍ منهم قطُّ أنَّه شهد له بصحَّةٍ، بل ولا بحسنٍ. كيف وقد أنكروا على سويد هذا الحديث، ورمَوه لأجله بالعظائم، واستحلَّ بعضُهم غزوَه لأجله!

قال أبو أحمد بن عديٍّ في «كامله» (٤): هذا الحديث أحد ما أُنكِر على سويد. وكذلك قال البيهقي (٥): إنَّه ممَّا أنكر عليه. وكذلك قال ابن طاهرٍ في


(١) يعني مَن به ذات الجنب. وفيما عدا الأصل (ف): «المجنون»، وكذا في النسخ المطبوعة، وهو تصحيف.
(٢) ز، س، ل: «الحرِق». وكذا في الطبعة الهندية، وفيها أيضًا بعده: «الغرق».
(٣) أخرجه مالك (٦٢٩)، ومن طريقه أخرجه أحمد (٢٣٧٥٣) وأبو داود (٣١١١) والنسائي في «الكبرى» (١٩٨٥)، وصححه ابن حبان (٣١٨٩، ٣١٩٠) والحاكم (١/ ٣٥١).
(٤) س: «كتابه»، تحريف. ولم أجده في المطبوع، ولعله مما سقط منه. وهذه الفقرة كلها من «الواضح المبين» لمغلطاي (ص ١٩).
(٥) نقله عنه ابن حجر في «التلخيص الحبير» (٢/ ٣٢٥). ولم أقف عليه في كتبه المطبوعة.