هذا، وقد عُني عناية فائقةً بنقد أخبار المغازي وروايات السيرة، والتوفيق بين مختلفها، والترجيح بين متضادها. و أبرز معالم منهجه في إيراد المغازي:
- إنه كثيرًا ما يؤلِّف بين مختلف الروايات عند سبكه لها لتنسجم الأحداث والوقائع وتتسلسل في سياق واحد متصل. وهذه جادّة مسلوكة لأئمة السير والمغازي من أمثال الزهري وابن إسحاق وغيرهما. انظر على سبيل المثال سياقه لقصة الإسراء (٣/ ٤١ - ٤٤)، وقصة الحديبية (٣/ ٣٤٠ - ٣٥٢)، وقصة قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله (٣/ ٤٣٤ - ٤٣٥)، قصة أكل الصحابة العنبر في سرية الخبط (٣/ ٤٧٢)، خبر وفد هوازن (٣/ ٥٩٠ - ٥٩١).
- يوازن مرويات أهل المغازي بما ورد في «الصحيحين» وغيرهما من الأحاديث الصحيحة، وبناء عليها قد يخطِّئ جماهير أهل السير فيما قالوه في تاريخ الغزوة أو غيره من التفاصيل، فمثلًا ذكر جماهير أهل المغازي أن غزوة الغابة كانت قبل الحديبية، فخطّأهم المؤلف لأن حديث سلمة بن الأكوع في «صحيح مسلم» صريح في أنه كان بعد الحديبية (٣/ ٣٢٨ - ٣٢٩). ومثله غزوة ذات الرقاع حيث قال جمهور أهل السير: إنها كانت سنة أربعٍ من الهجرة، واستصوب المؤلف أنها كانت بعد خيبر لما في الأحاديث الصحيحة من الدلالات على ذلك (٢/ ٢٩١ - ٢٩٥).
- إذا اختلف أهل المغازي فيما بينهم، يقف المؤلف موقف الحكم بينهم فيذكر مآخذ الأقوال، ثم يناقشها موفِّقًا بينها إن أمكن أو مرجِّحًا لبعضها على بعض، كما ترى صنيعه في اختلافهم في ابن مسعود: هل مكث