للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العالم، وطابِق بين الواقع وبينها، وأنت ترى كيف تحدث الآفات والعلل كلَّ وقتٍ في الثِّمار والزَّرع والحيوان، وكيف تحدث من تلك الآفات آفاتٌ أخر متلازمةٌ، بعضُها آخذٌ برقاب بعضٍ. وكلَّما أحدث النَّاس ظلمًا وفجورًا أحدث لهم ربُّهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم وأهويتهم ومياههم وأبدانهم وخلقهم وصورهم وأشكالهم وأخلاقهم، من النَّقص والآفات ما هو موجَبُ أعمالهم وظلمهم وفجورهم.

ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكبر ممَّا هي اليوم كما كانت البركة فيها أعظم. وقد روى الإمام أحمد (١) بإسناده: أنَّه وُجِد في خزائن بعض بني أميَّة صُرَّةٌ فيها حنطةٌ أمثال نوى التَّمر، مكتوبٌ عليها: هذا كان ينبت أيَّام العدل. وهذه القصَّة ذكرها في «مسنده» على إثر حديثٍ رواه (٢).

وأكثر هذه الآفات والأمراض (٣) العامَّة بقيَّةُ عذابٍ عذِّبت به الأمم السَّالفة ثمَّ بقيت منها بقيَّةٌ مُرْصَدةٌ لمن بقيت عليه بقيَّةٌ من أعمالهم حكمًا قسطًا وقضاءً عدلًا. وقد أشار النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا بقوله في الطَّاعون: «إنَّه بقيَّة


(١) برقم (٧٩٤٩) بإسناده عن أبي قحذم قال: «وُجد في زمن زياد ــ أو: ابن زياد ــ صرَّةٌ فيها حبٌّ أمثالُ النَّوى، عليه مكتوبٌ: هذا نبَت في زمانٍ كان يُعمَل فيه بالعدل». وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٦٣١٢) والعباس الدوري في «تاريخه» عن ابن معين (٣٨٩٧) والدينوري في «المجالسة» (١/ ٣٩٤) بمثله. وأبو قحذم لا يعرف مَن هو. وانظر: تعليق محققي «المسند».
(٢) نقلها المصنف في «الداء والدواء» (ص ١٦٠) أيضًا.
(٣) ز، حط، ن: «الأمراض والآفات».