للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُعَصْفَر. ومعلوم أن ذلك إنما يُصبَغ صِباغًا أحمر.

وفي بعض «السنن» أنهم كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فرأى على رواحلهم أكسيةً فيها خيوطُ عِهنٍ حُمْرٌ (١)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أرى هذه الحمرةَ قد عَلَتْكم». فقمنا سراعًا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نفَر بعضُ إبلنا، فأخذنا الأكسيةَ، فنزعناها عنها. رواه أبو داود (٢).

وفي جواز لُبْس الأحمر من الثياب والجُوخ (٣) وغيرها نظرٌ. وأما كراهته، فشديدة جدًّا، فكيف يُظَنُّ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لبس الأحمر القانئ؟ كلَّا، لقد أعاذه الله منه. وإنما وقعت الشبهة من لفظ «الحُلَّة الحمراء» (٤)، والله أعلم.

ولبِس الخَميصة (٥) المُعْلَمة والساذجة. ولبِس ثوبًا (٦) أسود.

ولبِس الفروة المكفوفة بالسُّندُس. فروى (٧) الإمام أحمد وأبو داود (٨)


(١) في النسخ المطبوعة: «فيها خطوط حمراء».
(٢) برقم (٤٠٧٠)، وأخرجه أحمد (١٥٨٠٧) والطبراني (٤/ ٢٨٨)، كلهم من حديث رافع بن خديج. ومداره على رجلٍ من بني حارثة؛ مبهمٌ.
(٣) الجوخ: نسيج صفيق من الصوف. انظر: «معجم دوزي» (٢/ ٣٢٩) و «المعجم العربي لأسماء الملابس» (ص ١١٩).
(٤) وانظر: «تهذيب السنن» (٣/ ٦٠) و «شرح العمدة» لشيخ الإسلام (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٩).
(٥) نقل أبو عبيد في «غريب الحديث» (١/ ٢٨٣) قول الأصمعي: «إن الخمائص ثياب من خزٍّ أو صوف معلَم، وهي سود، كانت من لباس الناس».
(٦) ص، ج: «بردًا»، وقد غيَّره بعضهم في ص إلى «ثوبًا».
(٧) ك، ع: «وروى».
(٨) أحمد (١٣٤٠٠، ١٣٦٢٦) وأبو داود (٤٠٤٧)، ومدار الحديث على علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرجه أيضًا أحمد (١٣١٤٨) من طريق قتادة عن أنس، وصححه ابن حبان (٧٠٣٨)، وفيه: «أن أُكيدرَ دُومةَ أهدى» ــ وهذا القدر علَّقه البخاري (٢٦١٦) بصيغة الجزم ــ، وفيه أيضًا بيان أن اللبس كان قبل نهي لبس الحرير. وأخرجه أيضًا البخاري (٢٦١٥) ومسلم (٢٤٦٩)، ولكن ليس فيه ذكر من أهدى ولا أنه لبسه. ولعل زيادة اللبس غير صحيحة، ويؤيده سياق الشيخين، ففيه: «أنه أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبة من سندس، وكان ينهى عن الحرير، فعجب الناس منها، فقال: ... ». وكذلك أخرجه البخاري (٣٨٠٢) ومسلم (٢٤٦٨) من حديث البراء بن عازب مثل حديث أنس بن مالك دون ذِكر مَن أهداه ولُبسِه.