للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك اختلفوا في وجه (١) هذا الحديث، فقال مالك (٢) في غير «الموطَّأ»: لم يكن اليهوديان أهل (٣) ذمَّةٍ، والَّذي في «صحيح البخاريِّ» (٤): أنَّهم أهل ذمَّةٍ. ولا شكَّ أنَّ هذا كان بعد العهد الذي وقع بين النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبينهم، ولم يكونوا إذ ذاك حربًا، كيف وقد تحاكموا إليه، ورضوا بحكمه؟

وفي بعض طرق الحديث: أنَّهم قالوا: اذهبوا بنا إلى هذا النَّبيِّ فإنَّه بُعِث بالتَّخفيف (٥). وفي بعض طرقه: أنَّهم دعوه إلى بيت مِدْراسهم، فأتاهم وحكم بينهم (٦)، فهم كانوا أهل عهدٍ وصلحٍ بلا شكٍّ.

وقالت طائفةٌ أخرى: إنَّما رجمهما بحكم التَّوراة. وقالوا: وسياق القصَّة


(١) د: «تفسير».
(٢) في «المدونة»: (٣/ ٤١٢).
(٣) ب والمطبوعات: «اليهود بأهل».
(٤) بوّب البخاري (٤/ ١٠١): باب هل يُعفى عن الذِّمِّي إذا سحر، وذكر حديث سحر لبيد بن الأعصم اليهودي للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وبوّب أيضًا (٨/ ٥٧): باب كيف يردّ على أهل الذمة السلام، وذكر حديث عائشة في دخول رهط من اليهود وسلامهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٥) عند أبي داود (٤٤٥٠) من طرق عن الزهري عن رجل من مزينة وكان عند سعيد يحدث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وسنده ضعيف للجهالة، وله شاهد من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في «الصحيحين»، ومن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند الحاكم بسند جيد.
(٦) عند أبي داود (٤٤٤٩) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر، وقد تفرد به هشام، وهو صدوق له أوهام لا يحتمل تفرده، وخالفه الزهري كما تقدم في «الصحيحين» وغيرهما. وكذا جاء ذكر الحضور في مِدْراسهم عند أبي داود (٤٤٥٠) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - ، وقد تقدم تخريجه.