للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الحكم على وَفْق حِكمة (١) الشَّارع، فإنَّ المحرَّمات كلَّما تغلَّظت تغلَّظت (٢) عقوباتُها، ووطء مَن لا يباح بحالٍ أعظم جُرمًا من وطء مَن يباح في بعض الأحوال، فيكون حدُّه أغلظ، وقد نصَّ أحمد في إحدى الرِّوايتين عنه (٣) أنَّ حكم من أتى بهيمةً حكم اللوطيّ (٤) سواءٌ، فيُقتل بكلِّ حالٍ، أو يكون حدُّه حدَّ الزَّاني.

واختلف السَّلف في ذلك، فقال الحسن: حدُّه حدُّ الزَّاني. وقال أبو سلمة (٥): يُقتل بكلِّ حالٍ، وقال الشَّعبيُّ والنخعي: يُعَزَّر. وبه أخذ الشَّافعيُّ ومالك وأبو حنيفة وأحمد في روايةٍ (٦)، فإنَّ ابن عبَّاسٍ أفتى بذلك (٧)، وهو راوي الحديث.


(١) ز، ب، والمطبوع: «حكم».
(٢) «تغلّظت» سقطت من ي، ث، وتصحفت الأولى في ث إلى: «تعطلت» فأشكلت العبارة على الناسخ فعلق في الطرة: «في قوله: تعطلت نظر».
(٣) ينظر «مسائل الكوسج»: (٧/ ٣٤٦٧ - ٣٤٦٨)، و «الروايتين والوجهين»: (٢/ ٣١٧)، و «الهداية» (ص ٥٣١)، و «المغني»: (١٢/ ٣٥١)، و «شرح الزركشي»: (٦/ ٢٨٩ - ٢٩٠).
(٤) في المطبوع: «اللواط».
(٥) بعده في ط الفقي والرسالة: «عنه»، خطأ. وفي ط الهندية: «رضي الله عنه»، وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف من كبار التابعين ومن فقهاء المدينة.
(٦) ينظر: «المصنف» (٢٩٠٩٥ - ٢٩١١١) لابن أبي شيبة، و «نهاية المطلب»: (١٧/ ١٩٨ - ١٩٩)، و «المغني»: (٢/ ٣٥١ - ٣٥٣)، و «المبسوط»: (٩/ ١٧٨)، و «تهذيب المدونة»: (٤/ ٤٧٦)، و «الداء والدواء» (ص ٤١١ - ٤١٢) للمؤلف.
(٧) أخرجه أبو داود (٤٤٦٥)، والترمذي (١٤٥٥)، والبيهقي: (٨/ ٢٣٤) وغيرهم.