للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثبت نسخُها، ولم تجمع الأمَّةُ على خلافها.

وعلى كلِّ حالٍ، فلا بدَّ أن يخالف حالُها بعد الإحصان حالَها قبله، وإلَّا لم يكن للتَّقييد فائدةٌ، فإمَّا أن يقال قبل الإحصان: لا حدَّ عليها، والسُّنَّة الصَّحيحة تُبطِل ذلك، وإمَّا أن يقال: حدُّها قبل الإحصان حدُّ الحرَّة، وبعده نصفَه، وهذا باطلٌ قطعًا مخالفٌ لقواعد الشَّرع وأصوله، وإمَّا أن يقال: حدُّها (١) قبل الإحصان تعزيرٌ وبعدَه حدٌّ، وهذا قويّ (٢)، وإمَّا أن يقال: الافتراق بين الحالين في إقامة الحدِّ لا في قدره، وأنَّه في إحدى الحالتين للسَّيِّد، وفي الأخرى للإمام، وهذا أقرب ما يقال.

وقد يقال: إنَّ تنصيصه على التَّنصيف بعد الإحصان لئلَّا يتوهَّم متوهِّمٌ أنَّ بالإحصان يزول التَّنصيف، ويصير حدُّها حدَّ الحرَّة، كما أنَّ الجلد عن البكر زال بالإحصان (٣)، وانتقل إلى الرَّجم، فبقي على التَّنصيف في أكمل حالتيها، وهي الإحصان، تنبيهًا على أنَّه إذا اكْتُفي به فيها ففيما قبل الإحصان أولى وأحرى، والله أعلم.

وقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في مريضٍ زنى ولم يَحْتَمِل إقامةَ الحدِّ، بأن يؤخذ له مئة (٤) شمراخٍ، فيُضْرَب بها ضربةً واحدةً (٥).


(١) ث، س، ن، وط الرسالة: «جلدها».
(٢) ث، ي، ط الهندية: «أقوى».
(٣) في ط الهندية: «يُزال بالإحصان»، وفي ط الرسالة وحدها: «أن الجلد زال عن البكر للإحصان».
(٤) ط الرسالة: «عثكال فيه مئة ... » ولا وجود لها في النسخ، وهذه اللفظة جاءت في بعض ألفاظ الحديث عند أحمد وابن ماجه وغيرهم. وفي ب: «شمراخ مئة».
(٥) أخرجه أبو داود (٤٤٧٢) بإسناد صحيح من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخرجه ابن ماجه (٢٥٧٤) من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن سعيد بن سعد بن عبادة، وضعَّف البوصيري: (٢/ ٦٧) إسناده؛ لعنعنة ابن إسحاق. وقد اختلف على أبي أمامة في رفعه وإرساله، والمرسل أصح، كما قال الدارقطني والبيهقي، ولا يضرُّه ذلك؛ فأبو أمامة صحابي صغير، ومرسل الصحابي حجة، ورجح الألباني وصله. ينظر: «الصحيحة» (٢٩٨٦). وفي الباب أيضًا حديث أبي سعيد الخدري، وسهل بن حنيف، وسهل بن سعد، بأسانيد لا تخلو من مقال. ينظر «البدر المنير»: (٨/ ٦٢٧)، و «التلخيص الحبير»: (٤/ ١٦٥).