للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «سنن أبي داود» (١) عن عبد الله بن عباس قال: لقد رأيت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسنَ ما يكون من الحُلَل.

وفي «سنن النسائي» (٢) عن أبي رِمْثة قال: «رأيت النبيَّ (٣) - صلى الله عليه وسلم - يخطب وعليه بردان أخضران». والبرد الأخضر: هو الذي فيه خطوط خُضْر، وهو كالحُلَّة الحمراء سواء. فمن فهم من الحُلَّة الحمراء الأحمرَ البحتَ فينبغي أن يقول: إنَّ البرد الأخضر أخضر بحتًا؛ وهذا لا يقوله أحد.

وكان (٤) مِخدَّته - صلى الله عليه وسلم - من أدَمٍ حشوُها ليف (٥). فالذين يمتنعون عما أباح الله من الملابس والمطاعم والمناكح تزهُّدًا وتعبُّدًا، بإزائهم طائفةٌ قابلوهم، فلم يلبسوا إلا أشرف الثياب، ولم يأكلوا إلا ألين الطعام، فلا يرون لُبسَ الخشن ولا أكلَه تكبُّرًا وتجبُّرًا. وكلا الطائفتين (٦) هديُه مخالفٌ لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا قال


(١) برقم (٤٠٣٧)، وأخرجه الطبراني (١٢٨٧٨، ١٢٨٨٤) والحاكم (٢/ ١٧٩، ٤/ ٢٩٩) مطولًا. وإسناده حسن، وصححه الحاكم، واختاره الضياء (١٠/ ٤١٦).
(٢) في «المجتبى» (١٥٧٢) و «الكبرى» (١٧٩٤)، وأخرجه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (٧١١١) وأبو داود (٤٠٦٥، ٤٢٠٦) والترمذي (٢٨١٢) وحسنه، وصححه ابن حبان (٥٩٩٥) والحاكم (٢/ ٦٠٧).
(٣) ك، ع: «رسول الله».
(٤) كذا في الأصول والطبعة الهندية. وفي غيرها: «كانت».
(٥) أخرجه البخاري (٦٤٥٦) ومسلم (٢٠٨٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٦) ك، ع: «فكلا الطائفتين». وكذا وقع في جميع الأصول والنسخ المطبوعة بدلًا من «كلتا الطائفتين»، وله نظائر كثيرة في كتب المؤلف وشيخه، من أثر اللغة الدارجة. انظر تعليقي على «طريق الهجرتين» (٢/ ٥٠٥).